Labels

Show more

مباراة الترجي الرياضي و مستقبل سليمان

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم الترجي الرياضي التونسي :

الترجي الرياضي التونسي هو نادٍ تونسي عريق تأسس سنة 1919 في قلب العاصمة تونس، وبالضبط في مقهى اسبيرانس بباب سويقة، ليحمل اسمًا أصبح على مر السنين رمزًا للتحدي والنجاح والهيمنة في كرة القدم التونسية والإفريقية. منذ بداياته الأولى، كان الترجي أكثر من مجرد فريق كرة قدم، بل كان مشروعًا رياضيًا واجتماعيًا يعكس روح المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي، حيث لعب دورًا محوريًا في الحفاظ على الهوية الوطنية وبث روح الفخر والانتماء لدى الجماهير التونسية. وقد ساهم في تكوين جيل من الشباب المتشبّع بالروح الرياضية، وخلق فضاء يجد فيه التونسيون متنفسًا يجمع بين الرياضة والسياسة والثقافة.

على مدى العقود، تحوّل الترجي من مجرد جمعية رياضية ناشئة إلى عملاق كروي يفرض اسمه محليًا وقاريًا. فمنذ أول بطولة وطنية توج بها سنة 1930، بدأ الفريق يشق طريقه نحو القمة بخطوات ثابتة، قبل أن يهيمن لاحقًا على البطولات التونسية في الستينات والسبعينات ثم الثمانينات، حيث لم يعد اسمه يغيب عن منصات التتويج. وقد ساهم في ذلك حسن تسيير النادي واستقدام لاعبين بارزين إلى جانب تكوين شبّان عبر مدرسة النادي التي أفرزت أجيالًا من النجوم الذين حملوا ألوان المنتخب الوطني التونسي في المحافل الكبرى. هذا المسار جعل الترجي مدرسة قائمة بذاتها في صناعة كرة القدم وتخريج المواهب.

نجاحات الترجي لم تتوقف عند حدود الوطن، بل امتدت لتشمل القارة الإفريقية، حيث أصبح أحد أعمدة الكرة الإفريقية وأحد أبرز سفراء تونس في الخارج. أولى خطواته الجادة قارياً كانت في أواخر الثمانينات، قبل أن يحقق حلمه الأكبر سنة 1994 بالتتويج بكأس رابطة الأبطال الإفريقية لأول مرة في تاريخه على حساب الزمالك المصري، وهو اللقب الذي شكّل نقطة تحول فارقة في مسيرة النادي وأدخل الترجي رسميًا إلى نادي الكبار في القارة. ومنذ ذلك التاريخ، توالت الإنجازات الإفريقية للترجي، حيث رفع الكأس ذات الأذنين أربع مرات (1994، 2011، 2018، 2019)، إضافة إلى ألقاب قارية أخرى ككأس السوبر الإفريقي وكأس الكؤوس الإفريقية، ليصبح أكثر الأندية التونسية تتويجًا قاريًا.

إلى جانب الألقاب الإفريقية، حافظ الترجي على هيمنته المطلقة في الدوري التونسي، حيث يُلقّب محليًا بـ"ملك البطولة" بعد أن تجاوز رصيده الثلاثين لقبًا، وهو رقم قياسي يعكس مدى استمرارية سيطرته. الفريق لم يكتفِ بالدوري، بل سيطر أيضًا على كأس تونس وفاز به مرات عديدة، إلى جانب الكؤوس الممتازة التي تعكس تفوقه على مدار السنوات. هذه النجاحات جعلت من الترجي ناديًا استثنائيًا في تونس، قادرًا على فرض إيقاعه وهيبته على أي منافس مهما كان حجمه أو تاريخه.

الجماهير، أو ما يُعرف بـ"المكشخين"، هي قلب الترجي النابض، فهي التي تمنحه قوة إضافية داخل وخارج الملعب. مدرجات ملعب رادس كثيرًا ما تحولت إلى لوحات فنية مذهلة عبر "الدخلة" الشهيرة والأهازيج التي تلهب حماس اللاعبين وتربك الخصوم. حب جماهير الترجي لفريقها يتجاوز حدود كرة القدم، فهو جزء من حياتهم اليومية وهويتهم الشخصية، إذ يُورّث من جيل إلى آخر، ما يجعل من الترجي أكثر من مجرد نادٍ، بل عائلة كبيرة تضم ملايين الأنصار في تونس وخارجها. وقد عُرف أنصار الترجي بالوفاء والدعم غير المشروط حتى في أصعب اللحظات، حيث يرافقونه في تنقلاته القارية ويجعلون اسمه حاضرًا في كل مكان.

الترجي لم يقتصر نشاطه على كرة القدم فقط، بل كان منذ تأسيسه جمعية متعددة الرياضات، حيث نشط في كرة اليد، الكرة الطائرة، وألعاب القوى وغيرها من الاختصاصات، وكان دائمًا في الصفوف الأولى محليًا وإفريقيًا. خاصة في كرة اليد، التي فرض فيها الترجي نفسه كقوة كبرى وحقق عدة ألقاب محلية وقارية. هذه التعددية الرياضية عززت مكانة النادي كصرح متكامل لا يقتصر على كرة القدم فقط، بل يهدف إلى تطوير الرياضة في مختلف جوانبها وخدمة المجتمع التونسي بشكل أوسع.

إداريًا، عُرف الترجي برؤسائه البارزين الذين لعبوا أدوارًا حاسمة في قيادته نحو القمة، ولعل أبرزهم حمدي المدب الذي قاد الفريق إلى سلسلة من النجاحات الإفريقية والمحلية خلال السنوات الأخيرة. تحت قيادته، عزّز الترجي مكانته كنادٍ محترف يتمتع باستقرار إداري ومالي، وهو ما سمح له باستقدام لاعبين من الطراز العالي مثل أنيس البدري، يوسف البلايلي، طه ياسين الخنيسي وغيرهم من الأسماء التي تألقت محليًا وقاريًا. هذا الاستقرار منح الفريق صورة النادي العصري القادر على التكيف مع التغيرات الكبيرة التي يعرفها عالم كرة القدم.

أما على الصعيد الدولي، فقد شارك الترجي في كأس العالم للأندية عدة مرات، وكانت مشاركاته تعكس حجم المكانة التي وصل إليها في القارة الإفريقية. ورغم أن الفريق لم يحقق إنجازات كبرى في هذه البطولة، إلا أن مجرد حضوره كان شرفًا لتونس وإفريقيا، وأتاح له الاحتكاك بأعتى الأندية العالمية مثل ريال مدريد والأهلي المصري. مثل هذه المشاركات ساعدت على رفع اسم الترجي عالميًا وأثبتت أنه قادر على مقارعة الكبار خارج حدود القارة السمراء.

بجانب الإنجازات، عرف الترجي لحظات صعبة وتحديات كبرى، سواء بسبب الهزائم القاسية أو بسبب الاتهامات بالتحكيم أو الضغوط الخارجية، لكنه دائمًا ما كان يخرج أقوى وأكثر عزيمة، وهو ما يميز الفرق الكبرى. شعار "لا يموت الترجي" أصبح حقيقة راسخة، إذ مهما اشتدت الأزمات يعود النادي أقوى، مستندًا إلى جماهيره وتاريخه العريق وروحه القتالية التي لا تلين. هذه الروح جعلت منه مدرسة في الصمود والنجاح المتواصل، ومثالاً حيًا على أن الإرادة قادرة على قهر المستحيل.

اليوم، وبعد أكثر من قرن على تأسيسه، لا يزال الترجي الرياضي التونسي ركيزة أساسية في كرة القدم التونسية والإفريقية، ورمزًا للشموخ والاعتزاز. هو النادي الذي كتب التاريخ بحروف من ذهب، والذي سيواصل كتابة صفحاته المضيئة في المستقبل. إن الترجي ليس مجرد فريق، بل هو أسطورة حيّة تختزل في طياتها ماضي تونس وحاضرها الرياضي، وتشكل مصدر فخر لكل تونسي يرى في "الأحمر والأصفر" رايةً للانتصار والتحدي.

تقديم مستقبل  سليمان :

مستقبل سليمان هو واحد من أبرز الفرق الرياضية في تونس، وبالتحديد في ولاية نابل، حيث تأسس هذا النادي العريق سنة 1960 وأصبح منذ ذلك الحين جزءاً لا يتجزأ من النسيج الرياضي والاجتماعي للمنطقة. يلقب النادي بـ"أبناء الوطن القبلي"، ويتميّز بجماهيره الوفية التي تسانده في جميع الظروف، سواء في النجاحات أو الإخفاقات، ما جعل منه أكثر من مجرد فريق كرة قدم، بل رمزاً للانتماء والفخر المحلي. النادي ارتدى الألوان الخضراء والبيضاء شعاراً له، تعبيراً عن الحيوية والأمل والسلام، وهي قيم تعكس الروح الرياضية العالية التي يسعى الفريق لتجسيدها داخل وخارج الملعب.

منذ نشأته، عرف مستقبل سليمان مسيرة مليئة بالتحديات والطموحات، فقد بدأ خطواته الأولى في الأقسام الدنيا من كرة القدم التونسية، لكنه لم يستسلم أبداً لصعوبات الواقع، بل عمل على تكوين أجيال متعاقبة من اللاعبين الذين حملوا اسم النادي في مختلف المنافسات. ومع مرور السنوات، استطاع الفريق أن يبني قاعدة جماهيرية واسعة في المدينة وضواحيها، لتصبح مبارياته حدثاً محلياً ينتظره الجميع بشغف كبير. ورغم الإمكانيات المادية المحدودة مقارنة ببعض الأندية الكبرى، فإن مستقبل سليمان تمكن من فرض نفسه كلاعب مهم على الساحة الرياضية التونسية، بفضل روح المثابرة والانضباط والعمل الجماعي.

في موسم 2018-2019 حقق الفريق إنجازه الأبرز بالصعود لأول مرة في تاريخه إلى الرابطة المحترفة الأولى، وهو إنجاز دوّى صداه في كامل الوطن القبلي وحتى في بقية أنحاء تونس. هذا الصعود لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة جهد سنوات طويلة من العمل القاعدي وتطوير البنية التحتية، إلى جانب دعم جماهيري وإداري كبير. ومنذ ذلك الحين، أصبح مستقبل سليمان ينافس كبار الأندية التونسية، مثل الترجي الرياضي التونسي والنادي الإفريقي والنجم الساحلي، وهو ما أكسب لاعبيه خبرة كبيرة ورفع من مستوى الفريق ككل.

ولم يقتصر دور النادي على الجانب الرياضي فحسب، بل كان له تأثير اجتماعي وثقافي عميق داخل مدينة سليمان. فقد ساهم في جمع الشباب حول قيم الرياضة والانضباط، وحارب الانحراف بتقديم بدائل إيجابية تتمثل في كرة القدم والأنشطة الرياضية الأخرى. الملعب البلدي بسليمان أصبح رمزاً للحياة المشتركة، حيث يلتقي الأهالي في المباريات لتشجيع فريقهم ومشاركة لحظات الفرح والحزن معاً. وهكذا تحول مستقبل سليمان إلى أكثر من مجرد نادٍ، بل إلى مؤسسة مجتمعية لها دور في نشر الروح الرياضية وتعزيز الهوية المحلية.

أما على المستوى الفني، فقد عُرف مستقبل سليمان بإنتاج لاعبين موهوبين التحقوا لاحقاً بفرق كبرى في تونس وحتى خارجها. النادي يولي اهتماماً كبيراً بفئة الشبان، إذ يدرك أن الاستثمار في المواهب المحلية هو السبيل الوحيد لضمان الاستمرارية والمنافسة على أعلى مستوى. وهذا ما جعل الفريق يشكل مدرسة حقيقية لتخريج اللاعبين، حيث نجد بين صفوفه مواهب صاعدة قادرة على كتابة أسماءها بأحرف من ذهب في المستقبل.

رغم النجاحات، فإن الفريق يواجه تحديات عديدة مثل ضعف الإمكانيات المالية وصعوبة مجاراة الأندية ذات الميزانيات الضخمة. ومع ذلك، فإن الإدارة تسعى دوماً لإيجاد حلول مبتكرة من خلال حسن التسيير والاعتماد على أبناء النادي الذين يؤمنون بمشروعه الرياضي والاجتماعي. وقد أظهرت التجربة أن مستقبل سليمان قادر على الصمود ومجابهة الصعوبات بفضل روح العزيمة والإصرار التي تميّز لاعبيه ومسيريه.

المستقبل يبدو واعداً لهذا النادي الطموح، إذ يطمح إلى ترسيخ مكانته في الرابطة المحترفة الأولى وتثبيت أقدامه بين الكبار. الجماهير ما زالت تحلم بمشاركة قارية، سواء في كأس الكاف أو رابطة الأبطال الإفريقية، وهو طموح مشروع بالنظر إلى ما حققه الفريق في ظرف سنوات قليلة. إذا واصل النادي على نفس النهج القائم على العمل الجاد وتطوير البنية التحتية واستقطاب المواهب، فإن الوصول إلى هذه الأهداف لن يكون بعيد المنال.

إضافة إلى ذلك، فإن مستقبل سليمان يمثل قدوة للعديد من الأندية الصغرى في تونس التي تحلم بالوصول إلى الأضواء. تجربته تثبت أن النجاح لا يتحقق بالمال وحده، بل بالإيمان بالمشروع والإصرار على العمل المتواصل. وفي هذا الإطار، يمكن القول إن مستقبل سليمان كتب صفحة جديدة في تاريخ الكرة التونسية، وأثبت أن الفرق الجهوية قادرة على مقارعة العمالقة إذا ما توفرت لها الإرادة الصلبة والتنظيم الجيد.

وفي الختام، فإن مستقبل سليمان سيظل علامة فارقة في تاريخ الرياضة التونسية، ليس فقط بفضل نتائجه وإنجازاته، بل أيضاً لأنه رمز لصمود الأندية الصغيرة أمام التحديات الكبيرة. جماهيره ستبقى وفية لشعار النادي، وستواصل دعمه في جميع المراحل، ما يجعل هذا الفريق مرشحاً دائماً لكتابة المزيد من النجاحات في السنوات القادمة. وهكذا يظل مستقبل سليمان قصة رياضية وإنسانية تستحق أن تُروى للأجيال المقبلة.




0Comments