الملعب التونسي يُعد واحدًا من أعرق وأقدم الأندية في تونس، حيث تأسس سنة 1948 في منطقة باردو بالعاصمة التونسية. منذ انطلاقته، حمل النادي هوية مميزة مرتبطة بالأحياء الشعبية وبجماهيره الوفية، ليصبح مع مرور الوقت مدرسة حقيقية في تكوين اللاعبين وصناعة النجوم. النادي يُعرف بين أنصاره بلقب "البقلاوة"، وهو لقب ارتبط بالمنطقة الشعبية التي نشأ فيها النادي، وأصبح علامة تميّز الجماهير وأهازيجهم في الملاعب.
منذ تأسيسه، أثبت الملعب التونسي أنه فريق قادر على منافسة الكبار، حيث تمكن من حصد ألقاب مهمة على الصعيد المحلي. فقد فاز الفريق ببطولة الرابطة التونسية المحترفة الأولى لكرة القدم في ثلاث مناسبات، أعوام 1956، 1960، و1962، وهي سنوات خلدت اسم الملعب التونسي كواحد من رواد الكرة التونسية بعد الاستقلال. كما تمكن من إحراز لقب كأس تونس في أكثر من 5 مناسبات، وهو ما جعله يُلقب أحيانًا بـ"اختصاصي الكؤوس"، نظرًا لقدرته على التألق في المباريات الحاسمة والإقصائية.
إلى جانب هذه الإنجازات، برز الملعب التونسي أيضًا في المشاركات القارية، حيث شارك في كأس إفريقيا للأندية البطلة وكأس الكونفدرالية الإفريقية، مقدّمًا عروضًا مشرفة مثّلت تونس أحسن تمثيل. وعلى الرغم من أنه لم يحقق ألقابًا إفريقية كبرى، إلا أن حضوره في تلك المسابقات أعطى صورة مشرّفة عن النادي.
الملعب التونسي عُرف على مر السنين بقدرته على تكوين لاعبين مميزين أصبحوا نجوما للكرة التونسية داخل البلاد وخارجها. من بين أبرز هؤلاء، نجد حمادي العقربي الذي مرّ بالفريق في بداياته، وكذلك الأسطورة عتوقة (عبد المجيد شرف الدين) أحد أفضل الحراس في تاريخ تونس، إلى جانب لاعبين آخرين صنعوا التاريخ مثل شكري بالعيد، لطفي السليمي، ومحمد علي عقيد الذي يُعتبر من أساطير حراسة المرمى في تونس وإفريقيا. كما ساهم النادي في تكوين أجيال جديدة من اللاعبين الذين مثلوا المنتخب الوطني في بطولات كبرى.
من الناحية الجماهيرية، تُعتبر جماهير الملعب التونسي من بين أكثر الجماهير وفاءً وحماسًا. على الرغم من أن النادي يمر بفترات صعود وهبوط، إلا أن أنصاره يظلون أوفياء له في كل الظروف. ملعب باردو كان ولا يزال قلعة الجماهير التي تصنع أجواءً خاصة خلال المباريات، حيث تُرفع الأهازيج والأعلام بألوان الفريق الأحمر والأخضر، في مشهد يعكس شغفًا كبيرًا. جماهير "البقلاوة" لها طابع خاص، فهي تمثل الأحياء الشعبية بروحها البسيطة والصاخبة، وهذا ما جعلها مختلفة ومميزة عن بقية جماهير الأندية التونسية.
عبر تاريخه الطويل، عرف الملعب التونسي فترات ذهبية خاصة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث كان منافسًا دائمًا على البطولات المحلية. غير أن السنوات الأخيرة شهدت بعض الصعوبات، بما في ذلك النزول إلى الرابطة الثانية في أكثر من مناسبة، لكن الفريق دائمًا ما كان يعود بقوة، مدعومًا بجماهيره العريضة وإدارته التي تسعى إلى إعادة النادي إلى مكانته الطبيعية بين الكبار.
الملعب التونسي هو أيضًا مدرسة في غرس القيم الرياضية والتكوين، فقد أنشأ أكاديمية للشباب كانت ولا تزال منجمًا لصقل المواهب. هذه السياسة جعلت النادي يحتفظ بمكانته كرافد مهم للكرة التونسية، حيث تخرج منه العديد من اللاعبين الذين صاروا نجوما في المنتخب الوطني أو في أندية تونسية كبرى وحتى في أندية أوروبية.
من جانب آخر، يُعتبر ديربي باردو بين الملعب التونسي والترجي أو النادي الإفريقي من المباريات الساخنة التي تشدّ أنظار الجماهير، لما تحمله من أجواء تنافسية وصراع على الزعامة المحلية. هذه المواجهات كثيرًا ما كانت تحمل في طياتها الإثارة والندية، وتكتب فصولًا جديدة في تاريخ الكرة التونسية.
النادي أيضًا ارتبط بأسماء إدارية ولاعبين مميزين تركوا بصمتهم، مثل المرحوم مصطفى بن جنات، الذي قاد الفريق إلى عدة إنجازات. إدارات النادي المتعاقبة كانت دائمًا حريصة على الحفاظ على هوية "البقلاوة" وتدعيم مكانته ضمن نخبة الأندية التونسية.
الملعب التونسي يبقى رمزًا للصمود والوفاء، فقد مرّ بظروف صعبة جدًا ماليًا ورياضياً، لكنه دائمًا ينهض بفضل حب جماهيره وتمسكهم بالنادي. أنصار "البقلاوة" يرون في فريقهم أكثر من مجرد نادي رياضي، بل جزءًا من حياتهم اليومية ورمزًا لانتمائهم لباردو ولتونس عمومًا.
في السنوات الأخيرة، يسعى النادي إلى إعادة ترتيب أوراقه، من خلال الاستثمار في شبابه، وتدعيم صفوفه بلاعبين قادرين على إعادة البريق للفريق. وعلى الرغم من المنافسة الشرسة في الرابطة المحترفة الأولى، فإن الملعب التونسي يظل واحدًا من الأندية التي لا يمكن الاستهانة بها، والتي تملك قاعدة جماهيرية صلبة تجعلها دائمًا قادرة على العودة إلى الواجهة.
الملعب التونسي إذن ليس مجرد فريق كروي، بل هو مدرسة وتاريخ وذاكرة حيّة لكرة القدم التونسية. من باردو انطلقت قصة امتدت لأكثر من سبعين عامًا، مليئة بالأفراح والخيبات، لكنها في النهاية تبقى قصة حب لا تنتهي بين النادي وجماهيره. هذا الارتباط العاطفي هو سر استمرار النادي، وهو ما يجعل اسمه حاضرًا بقوة في ذاكرة كل محب لكرة القدم تونسية.
هكذا يبقى الملعب التونسي، أو "البقلاوة"، رمزًا من رموز الرياضة التونسية، ناديًا يجمع بين الأصالة والعراقة، وبين الوفاء والأمل، ولا يزال يحلم بالعودة إلى منصات التتويج ليستعيد مكانته الطبيعية بين كبار الكرة التونسية والإفريقية.
الترجي الرياضي التونسي هو واحد من أعرق وأكبر الأندية في القارة الإفريقية والوطن العربي، بل ويمكن اعتباره مدرسة كروية ورياضية متكاملة لا تقتصر فقط على كرة القدم، بل تشمل عدة اختصاصات أخرى. تأسس النادي سنة 1919 في العاصمة تونس، وكان منذ البداية يمثل رمزًا للنضال والهوية الوطنية ضد الاستعمار، حيث ارتبط اسمه بمقهى "الترجي" الذي استضاف الاجتماعات الأولى للمؤسسين، ومن هنا جاء اسم النادي. هذا الارتباط العميق بالهوية التونسية جعل الترجي منذ نشأته أكثر من مجرد فريق كرة قدم، بل مؤسسة لها مكانتها الاجتماعية والثقافية والرياضية.
منذ بداياته، سعى الترجي إلى فرض نفسه كقوة رياضية في تونس، وقد نجح في ذلك تدريجيًا حتى أصبح الفريق الأكثر تتويجًا بالبطولات المحلية. فالنادي يمتلك في رصيده عددًا قياسيًا من ألقاب الدوري التونسي وكأس تونس، وهو ما جعله يعرف بلقب "المكشخة"، نسبة إلى الكبرياء والفخر الذي يميز أنصاره. شعار النادي الأصفر والأحمر أصبح علامة فارقة، إذ يرمز إلى دماء الشهداء وصفرة الأمل والنور، ما أعطى للنادي هوية بصرية قوية وراسخة في قلوب عشاقه.
على الصعيد القاري، الترجي الرياضي التونسي تمكن من أن يكون أحد أعمدة كرة القدم الإفريقية. فقد تُوج بدوري أبطال إفريقيا في عدة مناسبات، أبرزها سنوات 1994، 2011، 2018، و2019. هذا الإنجاز الأخير، الذي تمثل في التتويج باللقب الإفريقي مرتين متتاليتين، أكد علو كعب الترجي ومكانته بين كبار القارة. كما شارك الفريق في كأس العالم للأندية، ورفع راية تونس عاليًا في المحافل العالمية، ما جعل اسمه يتردد خارج حدود إفريقيا والعالم العربي.
الجماهير الترجيّة، المعروفة بـ"المكشخين"، تمثل عنصرًا جوهريًا في نجاح النادي. فملعب رادس أو حتى ملعب المنزه سابقًا، لطالما كان مسرحًا لمشاهد مهيبة من التشجيع والغناء المستمر طوال 90 دقيقة. دخلت جماهير الترجي التاريخ بإبداعاتها في "التيفو" والأهازيج التي أصبحت مشهورة عالميًا، مثل "يا حياتنا الترجي". هذا الدعم الجماهيري المتواصل جعل الفريق يتمتع بروح قتالية وشخصية قوية داخل الميدان.
إلى جانب كرة القدم، الترجي الرياضي التونسي يمتلك فروعًا أخرى ناجحة مثل كرة اليد، الكرة الطائرة، وألعاب القوى. وهذه الفروع بدورها حصدت ألقابًا محلية وقارية جعلت من الترجي مؤسسة متعددة النجاحات. فريق كرة اليد الترجي يعتبر من أقوى الفرق في إفريقيا، وله عدة تتويجات في البطولة الإفريقية للأندية. أما في الكرة الطائرة، فقد تمكن الفريق من فرض هيمنته محليًا وقاريًا، ليصبح ناديًا متكاملًا في جميع الاختصاصات.
من أبرز أساطير الترجي الذين تركوا بصمتهم نجد طارق ذياب، اللاعب التاريخي الذي توّج بالكرة الذهبية الإفريقية سنة 1977، ليصبح أول لاعب تونسي يحقق هذا الإنجاز. كما برزت أسماء أخرى مثل شكري الواعر، زبير بية، خالد بن يحيى، سامي الطرابلسي، أسامة الدراجي، أنيس البدري، ويوسف المساكني. هؤلاء اللاعبين ساهموا في كتابة تاريخ ذهبي للنادي عبر أجيال متعاقبة.
إداريًا، لعب حمدي المدب، رئيس النادي الحالي، دورًا كبيرًا في استقرار الترجي وتحقيقه لعدة إنجازات في السنوات الأخيرة. تحت إدارته، تمكن الفريق من السيطرة على البطولات المحلية والفوز بألقاب قارية جعلت الترجي اسمًا حاضرًا دائمًا في دوري أبطال إفريقيا.
أما من ناحية المنافسات المحلية، فالترجي دائمًا في قلب المنافسة، حيث تعتبر مبارياته أمام الإفريقي، النجم الساحلي، والصفاقسي كلاسيكيات كروية تحمل طابعًا خاصًا. ديربي العاصمة أمام النادي الإفريقي يعد من أشرس وأهم المباريات في تاريخ كرة القدم التونسية، وغالبًا ما يكون محط أنظار الجماهير والإعلام.
الترجي الرياضي التونسي ليس فقط ناديًا رياضيًا، بل هو رمز للانتماء، الهوية، والنجاح. ملايين الأنصار داخل تونس وخارجها يعتبرونه جزءًا من حياتهم اليومية، يعيشون على إيقاع مبارياته وانتصاراته، ويعتبرونه مدرسة في الوفاء والالتزام.
هكذا يظل الترجي الرياضي التونسي مدرسة كروية شامخة بتاريخها، إنجازاتها، وجماهيرها، ولا عجب أن يُلقب بـ"شيخ الأندية التونسية"، لأنه ببساطة النادي الذي جمع بين التاريخ، المجد، والعراقة.
0Comments