النادي الإفريقي هو أحد أعرق وأشهر الأندية الرياضية في تونس وإفريقيا، تأسس في 4 أكتوبر 1920 بالعاصمة التونسية تونس، ويعدّ من رموز الرياضة الوطنية ومن أكثر الفرق جماهيرية في البلاد. يلقب الفريق بـ“نادي الشعب” لما له من مكانة خاصة في قلوب أنصاره، الذين يرون فيه أكثر من مجرد فريق كرة قدم، بل رمزًا للنضال والهوية والانتماء الوطني. ألوانه الأحمر والأبيض ترمز إلى الروح القتالية والنقاء، وشعاره الشهير “CA” محفور في ذاكرة كل تونسي عاشق لكرة القدم. منذ نشأته، كان النادي الإفريقي مدرسة للقيم الرياضية والوطنية، إذ كان من أوائل الأندية التي مثّلت تونس قبل الاستقلال في المحافل الإقليمية والدولية.
عرف النادي الإفريقي فترات ذهبية توّج خلالها بعديد البطولات والألقاب. فقد فاز بعدة بطولات وطنية في كرة القدم، أبرزها البطولة التونسية التي نالها أكثر من ثلاث عشرة مرة، إلى جانب عدد كبير من كؤوس تونس التي جعلته أكثر الأندية تتويجًا في المسابقات المحلية. كما حفر اسمه على الصعيد القاري والدولي بعد فوزه بدوري أبطال إفريقيا سنة 1991، كأول نادٍ تونسي يحقق هذا الإنجاز التاريخي، مما أدخله نادي العظماء في القارة السمراء. كما فاز بكأس الاتحاد الإفريقي سنة 1997، وشارك في العديد من البطولات القارية والعربية وترك بصمة قوية أينما حلّ.
لم يقتصر تألق النادي الإفريقي على كرة القدم فقط، بل امتد إلى مختلف الفروع الرياضية الأخرى، مثل كرة اليد وكرة السلة والكرة الطائرة والسباحة، حيث تميز فريق اليد بصفة خاصة بتحقيق بطولات قارية عديدة، مما جعل النادي الإفريقي يُلقب بـ“نادي الألقاب المتعددة”. هذه النجاحات لم تأت من فراغ، بل بفضل العمل المتواصل من أجيال متعاقبة من اللاعبين والمسيرين والمدربين الذين سطروا التاريخ بعرقهم وتفانيهم في خدمة النادي.
يُعدّ ملعب الشاذلي زويتن المقر التاريخي للنادي، غير أن جماهير الإفريقي تحتضن أيضًا ملعب رادس كمنزل ثانٍ في المباريات الكبرى، حيث تتحول المدرجات إلى لوحة فنية حمراء وبيضاء تُظهر عمق الانتماء والعشق الأبدي للنادي. جمهور الإفريقي يُعتبر من أكثر الجماهير حماسًا في إفريقيا والعالم العربي، إذ يُعرف بولائه المطلق ومساندته اللامشروطة للفريق في كل الظروف، سواء في الفوز أو في الهزيمة. مشهد الجماهير وهي ترفع التيفوهات العملاقة أو تردد الأهازيج الخالدة مثل “يا إفريقيا يا عظيمة” أصبح جزءًا من الذاكرة الكروية التونسية.
النادي الإفريقي لم يكن مجرد مؤسسة رياضية، بل هو حركة اجتماعية وثقافية لعبت دورًا مهمًا في تاريخ تونس. فقد كان له دور بارز في فترة الاستعمار الفرنسي حين مثّل منصة للنضال الوطني وفضاء للتعبير عن الهوية التونسية. العديد من رموز الحركة الوطنية كانوا من رواده وأنصاره، ما جعل النادي رمزًا للمقاومة والثبات. وحتى بعد الاستقلال، بقي النادي منبرًا للوحدة والانتماء والاعتزاز بالوطن، حيث جمع بين مختلف الفئات الاجتماعية والمناطقية تحت راية واحدة.
على مر العقود، مرّ الإفريقي بفترات من التألق والانكسار، لكن ما يميزه أنه لا يسقط أبدًا. فحتى في أحلك الظروف المالية أو الإدارية، ينهض النادي من جديد بفضل جماهيره الغفيرة التي لا تتخلى عنه أبدًا. شعار “الإفريقي ما يموتش” لم يأت من فراغ، بل من واقع تاريخي متجذر في صمود هذا النادي العريق.
من نجوم النادي الذين صنعوا تاريخه نذكر الأسطورة فوزي البنزرتي، والهداف التاريخي شوقي بن سعادة، والحارس الكبير عادل النفزي، واللاعب الدولي زهير الذوادي، وغيرهم من الأسماء التي حملت قميص الأحمر والأبيض بكل فخر. كما تخرّج من النادي العديد من المواهب التي شرفت المنتخب الوطني التونسي في المحافل الدولية.
النادي الإفريقي أيضًا يتميز بتنظيمه الاجتماعي وجمعيته التاريخية التي تعتني باللاعبين القدامى والمشجعين، مما يعزز الروابط الإنسانية بين أفراد عائلة الإفريقي. وقد شهد النادي تطورًا إداريًا كبيرًا في السنوات الأخيرة رغم التحديات المالية، بفضل جهود أبنائه الذين يعملون على استعادة مكانته الطبيعية بين كبار القارة.
كل موسم جديد يمثل بالنسبة لجماهير الإفريقي بداية قصة أمل جديدة، فمهما كانت الصعوبات تبقى الثقة في “Clubiste” لا تنكسر. فالإفريقي ليس مجرد نادٍ رياضي، بل هو فكرة، هوية، وانتماء راسخ في وجدان الملايين. لا يمكن الحديث عن تاريخ الرياضة التونسية دون التوقف طويلاً عند هذا الصرح الكبير الذي تجاوز حدود الزمن ليصبح أسطورة حيّة في قلوب التونسيين.
هكذا يظل النادي الإفريقي أحد أعمدة الرياضة التونسية، رمزًا للعراقة والتاريخ، وواجهة مشرفة لكرة القدم الإفريقية والعربية، يحتفل هذا الكيان العريق بأكثر من قرن من المجد، ولا يزال يسطر فصولًا جديدة من التحدي والطموح، مؤكدًا أن العشق الإفريقي لا يشيخ أبدًا، وأن الأحمر والأبيض سيظلان خفّاقين في سماء الكرة التونسية إلى الأبد.
الملعب التونسي هو أحد أعرق الأندية الرياضية في تونس وأحد الأسماء اللامعة في تاريخ كرة القدم التونسية منذ تأسيسه في 11 يناير 1948. يقع مقرّه في حي باردو بالعاصمة تونس، وهو أكثر من مجرد فريق رياضي، بل مؤسسة ذات تاريخ طويل وجذور عميقة في المجتمع التونسي. يُلقب النادي بـ“البقلاوة” وهو لقب محبب لجماهيره التي تعتبره رمزًا للأناقة الكروية والروح الرياضية العالية. ألوانه التقليدية هي الأخضر والأحمر، وهي تعكس حيويته وطموحه، فيما يرمز شعاره إلى الأصالة والتجديد المستمر. منذ نشأته، تميز الملعب التونسي بأسلوب لعب جميل يعتمد على المهارة الفنية والانضباط، مما جعله مدرسة كروية خرّجت العديد من النجوم الذين تألقوا في المنتخب الوطني.
تأسس النادي على يد مجموعة من الشباب الوطنيين الذين أرادوا إنشاء فريق يعبر عن الروح التونسية ويواجه الأندية التي كانت تحت سيطرة المستعمر الفرنسي في تلك الحقبة. سرعان ما فرض الملعب التونسي نفسه كقوة رياضية صاعدة، إذ جمع بين الطابع العصري في التنظيم والروح النضالية في الميدان. بعد الاستقلال، واصل الفريق مسيرته الزاخرة بالألقاب والبطولات، ليصبح أحد أعمدة الكرة التونسية.
عرف الملعب التونسي تألقًا لافتًا في خمسينات وستينات القرن الماضي، حيث تمكن من الفوز بعدة بطولات وكؤوس، خاصة كأس تونس التي تُوج بها أكثر من تسع مرات، مما جعله من أكثر الفرق تتويجًا في هذه المسابقة. كما حصد بطولة تونس في أكثر من مناسبة، ليؤكد مكانته بين الكبار إلى جانب النادي الإفريقي والترجي والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي. لم يكن الملعب التونسي مجرد منافس شرس، بل كان مدرسة حقيقية أخرجت لاعبين بارزين أثروا الساحة الكروية الوطنية.
من بين أبرز اللاعبين الذين مروا بالفريق نجد الحارس الكبير عتوقة، والهداف حمادي العقربي الذي بدأ مسيرته هناك، بالإضافة إلى أسماء مثل عبد المجيد الشتالي، الطاهر لخميري، وبن عمر الذين تركوا بصمتهم داخل المستطيل الأخضر. كما ساهم العديد من مدربيه في تطوير الكرة التونسية، إذ عُرف النادي باعتماده على مدربين ذوي كفاءة عالية سواء من تونس أو من الخارج.
الملعب التونسي كان أيضًا من أوائل الأندية التي راهنت على تكوين الشبان وإنشاء مراكز تكوين حديثة، إذ آمن منذ بدايته بأهمية الاستثمار في الأجيال الصاعدة. هذه السياسة مكنته من خلق قاعدة شبابية قوية شكلت العمود الفقري للفريق لسنوات طويلة. مدرسة الملعب التونسي معروفة بإنتاجها للمواهب التي تلتحق لاحقًا بالمنتخب الوطني أو بالأندية الكبرى في تونس وخارجها.
جماهير الملعب التونسي تُعد من أكثر الجماهير وفاءً في تونس، فهي تساند فريقها في السراء والضراء، وتعتبره جزءًا من هويتها وانتمائها المحلي. مدرجات ملعب الهادي النيفر بباردو دائمًا ما تتحول إلى لوحة خضراء وحمراء تضجّ بالحماس والأغاني التي تعبّر عن عشق أنصار “البقلاوة”. العلاقة بين النادي وجماهيره علاقة عائلية قائمة على الحب والاحترام المتبادل، وهو ما جعل الفريق يحافظ على مكانته رغم الصعوبات.
من الناحية الإدارية، شهد النادي فترات من الاستقرار وأخرى من الأزمات المالية، شأنه شأن العديد من الأندية التونسية. غير أن الملعب التونسي تميّز دائمًا بقدرته على النهوض من جديد بفضل وفاء محبيه والتفاف أبناء النادي حوله في الأوقات الصعبة. شعار “البقلاوة ما تموتش” أصبح واقعًا يُترجم في كل موسم عندما يعود الفريق إلى الواجهة بعد كل عثرة.
الملعب التونسي أيضًا كان من الأندية التي ساهمت في تطوير البنية التحتية الرياضية في البلاد. فقد سعى إلى تحسين منشآته الرياضية وتطوير ملعبه ومركز تدريباته ليكون بيئة مثالية للاعبين الشبان والفرق المختلفة. كما نشط في الفروع الرياضية الأخرى مثل كرة اليد وألعاب القوى، مما يعكس تعددية نشاطه وثراء إرثه الرياضي.
عرف النادي مسيرة متقلبة في العقدين الأخيرين، حيث تراجع مستواه أحيانًا بسبب مشاكل مالية وإدارية، لكنه تمكن من العودة إلى مصاف النخبة بفضل عمل إداري منظم ودعم جماهيري كبير. وقد شهد الفريق مؤخرًا صحوة جديدة سواء في مستوى الأداء أو النتائج، مما أعاد الأمل لأنصاره الذين يؤمنون أن الملعب التونسي سيستعيد مجده التاريخي.
يُعتبر الفريق مثالًا في اللعب النظيف والروح الرياضية، إذ حافظ دائمًا على سمعته كنادٍ محترم داخل الساحة الرياضية. كما ساهم الملعب التونسي في تطوير كرة القدم النسائية ودعم العديد من المبادرات الاجتماعية، ما يؤكد دوره كمؤسسة مسؤولة تتجاوز حدود الرياضة.
إن الملعب التونسي ليس مجرد نادٍ تأسس منذ عقود، بل هو ذاكرة جماعية لأجيال من التونسيين الذين وجدوا فيه رمزًا للحب والإخلاص والكرامة الرياضية. كل مباراة يخوضها الفريق تمثل بالنسبة لجماهيره صفحة جديدة من الكبرياء والعراقة. عبر تاريخه، كتب “البقلاوة” قصة مليئة بالبطولات، بالتحديات، وبالإصرار على البقاء في القمة رغم العواصف.
اليوم، ومع احتفاله بأكثر من سبعة عقود من الوجود، يواصل الملعب التونسي مسيرته بثبات نحو المستقبل، مرتكزًا على تاريخه العريق وقيمه الأصيلة، ليبقى رمزًا من رموز الرياضة التونسية، وعنوانًا للفخر والانتماء، ومصدرًا دائمًا للعشق الذي لا ينطفئ بين جماهيره الخضراء والحمراء.
0Comments