Labels

Show more

مباراة تونس و موريتانيا

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم المنتخب التونسي :

المنتخب التونسي لكرة القدم يُعدّ من أبرز المنتخبات في القارة الإفريقية والعالم العربي، وهو الممثل الرسمي لتونس في المحافل الدولية. يُلقّب بـ"نسور قرطاج"، وهو لقب مستوحى من الحضارة القرطاجية العريقة التي ترمز إلى القوة والعزيمة. تأسس الاتحاد التونسي لكرة القدم سنة 1957، وبعد عام واحد فقط، لعب المنتخب أول مباراة رسمية له ضد المنتخب الليبي، ليبدأ بذلك مشواره الطويل في عالم الساحرة المستديرة. منذ ذلك الوقت، أصبح المنتخب التونسي رمزًا للفخر الوطني ومصدرًا للإلهام لكل الأجيال، حيث يجتمع حوله الشعب التونسي بكل فئاته في لحظات الفرح والحماس.

شارك المنتخب التونسي في العديد من البطولات الإفريقية والعالمية، وترك بصمته الواضحة في القارة السمراء. تُوج بلقب كأس الأمم الإفريقية سنة 2004 على أرضه بعد فوزه التاريخي على المنتخب المغربي بنتيجة 2-1 في ملعب رادس، وهو إنجاز لا يُنسى في ذاكرة كل تونسي، لأنه كان ثمرة عمل جماعي وتخطيط محكم ومواهب استثنائية مثل عادل الشاذلي، زياد الجزيري، وسفير الجزيري، والهداف الكبير فرانسيليدو دوس سانتوس. هذا التتويج كان تتويجًا لجيل ذهبي استطاع أن يحقق حلمًا طال انتظاره منذ المشاركة الأولى لتونس في الكان سنة 1962.

أما على الصعيد العالمي، فقد كان المنتخب التونسي أول منتخب عربي وإفريقي يحقق انتصارًا في نهائيات كأس العالم، وكان ذلك في نسخة 1978 بالأرجنتين عندما فاز على المكسيك بثلاثية مقابل هدف، في مباراة لا تُنسى دونت اسم تونس في كتب التاريخ الكروي. ومنذ ذلك الحين، لم تغب تونس عن المونديال لفترات طويلة، حيث شاركت في نسخ 1998، 2002، 2006، 2018 و2022، مما جعلها من أكثر المنتخبات الإفريقية حضورًا في المحافل العالمية.

يتميز المنتخب التونسي بعقليته القتالية وروحه الجماعية العالية، فهو فريق لا يستسلم بسهولة، ويُعرف بقدرته على العودة في المباريات الصعبة. وقد مرّ عبر تاريخه بالعديد من المدربين المميزين مثل عبد المجيد الشتالي، نبيل معلول، روجي لومير، آلان جيريس، وجلال القادري. لكل واحد منهم بصمته الخاصة في تكوين هوية الفريق.

شهدت الكرة التونسية أيضًا بروز العديد من النجوم الذين تركوا بصمتهم سواء داخل البلاد أو في الدوريات الأوروبية الكبرى. من بينهم طارق ذياب، وهو أول تونسي يفوز بجائزة أفضل لاعب إفريقي سنة 1977، وكذلك زبير بية الذي تألق في ألمانيا، ورياض بنور، وعلي الكعبي، وخالد بدرة، وحاتم الطرابلسي الذي لمع في هولندا، ويوسف المساكني الذي يُعتبر من أبرز اللاعبين في الجيل الحديث بفضل مهاراته العالية وقدرته على التسجيل وصناعة اللعب.

كما لا يمكن الحديث عن المنتخب دون ذكر جماهيره الوفية التي تملأ الملاعب باللونين الأحمر والأبيض، وتغني بحماس لا يتوقف. فالجماهير التونسية تُعتبر من أكثر الجماهير ولاءً وتشجيعًا، وهي دائمًا ما ترافق منتخبها في كل مكان، سواء في أمم إفريقيا أو كأس العالم، لتكون بمثابة اللاعب رقم 12.

المنتخب التونسي يعتمد منذ سنوات على مزيج من اللاعبين المحليين والمحترفين في الخارج، وهو ما يمنحه تنوعًا تكتيكيًا وثقافيًا يميزه عن غيره. كما يولي الاتحاد التونسي اهتمامًا كبيرًا بتطوير الفئات السنية والمنتخبات الشابة، من أجل ضمان استمرارية التفوق وصناعة أجيال جديدة من المواهب التي تواصل رفع راية تونس عاليًا.

من جهة أخرى، يُعتبر ملعب رادس رمزًا كبيرًا في تاريخ المنتخب، فهو القلعة التي احتضنت أهم الانتصارات، وأجواؤه الحماسية تصنع دائمًا الفرق. ومع ذلك، فإن المنتخب التونسي يعرف كيف يلعب خارج أرضه بروح قتالية كبيرة، وغالبًا ما يحقق نتائج إيجابية رغم الضغوط.

تاريخ المنتخب التونسي مليء باللحظات الحاسمة، مثل تأهله الدرامي إلى كأس العالم 2018 بفضل هدف صابر خليفة في مرمى ليبيا، وتألقه في كأس إفريقيا 2019 حين بلغ نصف النهائي، وكذلك في مونديال قطر 2022 عندما حقق فوزًا تاريخيًا على فرنسا حاملة اللقب، بهدف وهبي الخزري، في واحدة من أكثر المباريات التي زرعت الفخر في قلوب التونسيين.

المنتخب التونسي ليس مجرد فريق كرة قدم، بل هو انعكاس لهوية شعب بأكمله، شعب يحب التحدي والمنافسة ولا يعرف الاستسلام. ومن جيل إلى جيل، تبقى راية نسور قرطاج مرفوعة في سماء إفريقيا والعالم، ومع كل مشاركة جديدة يزداد الأمل في تحقيق إنجازات أكبر، لأن تونس تملك التاريخ، والعزيمة، والإصرار، والجماهير التي لا تعرف سوى حب الوطن والدفاع عن ألوانه حتى النهاية.

تقديم المنتخب الموريتاني :

المنتخب الموريتاني لكرة القدم، المعروف بلقب **المرابطون**، هو الممثل الرسمي للجمهورية الإسلامية الموريتانية في المحافل الدولية، ويُعتبر رمزًا للفخر الوطني والوحدة بين أبناء البلاد. نشأ المنتخب في منتصف القرن العشرين، وتحديدًا بعد استقلال موريتانيا سنة 1960، حين بدأ الاهتمام بالرياضة عمومًا وكرة القدم خصوصًا يتزايد في العاصمة نواكشوط والمدن الكبرى. وقد تأسس **الاتحاد الموريتاني لكرة القدم** سنة 1961، لينطلق بذلك مشروع بناء منتخب وطني يعكس روح الشعب الموريتاني وطموحه في أن يجد لنفسه مكانًا بين كبار القارة الإفريقية.

عرف المنتخب الموريتاني بدايات صعبة، حيث واجه في سنواته الأولى تحديات كبيرة من حيث البنية التحتية، نقص الملاعب، قلة الإمكانيات، وضعف الخبرة. إلا أن روح العزيمة والإصرار لم تفارقه أبدًا، فمع مرور الزمن بدأت الكرة الموريتانية تتطور تدريجيًا، وأصبحت الأندية المحلية مثل نادي **إف سي نواذيبو** و**لكصر** و**الجيش الوطني** تمثل قاعدة قوية لتغذية المنتخب بالعناصر الشابة والموهوبة.

في العقود الأولى من تاريخه، لم يكن المنتخب الموريتاني من بين المنتخبات البارزة في إفريقيا، فقد عانى من تواضع النتائج وتعدد الهزائم، لكن ذلك لم يمنع القائمين على الكرة الموريتانية من مواصلة العمل وبناء مشروع طويل الأمد. ومع بداية الألفية الجديدة، بدأ يظهر جيل جديد من اللاعبين الموهوبين الذين حملوا حلم الملايين في جعل اسم موريتانيا يتردد في المحافل القارية.

وجاءت اللحظة التاريخية في سنة **2019** عندما نجح المنتخب الموريتاني لأول مرة في تاريخه في التأهل إلى **نهائيات كأس الأمم الإفريقية**، وهو إنجاز عظيم دوّى صداه في كل أنحاء البلاد. تأهل المرابطون بعد مشوار مميز في التصفيات بقيادة المدرب الفرنسي **كورنتان مارتينز**، الذي ساهم في تطوير أداء الفريق وصناعة هوية جديدة تعتمد على اللعب الجماعي والانضباط التكتيكي. كانت الفرحة عارمة في الشوارع الموريتانية، إذ خرجت الجماهير بالآلاف للاحتفال بالتأهل التاريخي الذي اعتبره الكثيرون بداية مرحلة جديدة لكرة القدم الموريتانية.

في بطولة أمم إفريقيا 2019 التي أقيمت في مصر، قدّم المنتخب الموريتاني أداءً مشرفًا رغم خروجه من الدور الأول، لكنه كسب احترام الجميع بأدائه القتالي وروحه العالية. كانت تلك المشاركة نقطة تحول حقيقية في مسيرة المنتخب، إذ فتحت الباب أمام مزيد من الطموح والتطوير، ورفعت سقف التوقعات من الجماهير والإعلام الرياضي المحلي.

واصل المنتخب الموريتاني تطوره في السنوات التالية، وتمكن من **التأهل مجددًا إلى كأس الأمم الإفريقية 2021 في الكاميرون**، مؤكداً أن ما حدث في 2019 لم يكن صدفة، بل نتيجة عمل منظم وجهد جماعي كبير. في تلك النسخة، أظهر المرابطون نضجًا تكتيكيًا أكبر، رغم صعوبة المجموعة التي وُضعوا فيها، واستطاعوا أن يثبتوا أن موريتانيا أصبحت رقمًا صعبًا في الكرة الإفريقية.

ويُعدّ لقب **المرابطون** الذي يحمله المنتخب رمزًا ذا دلالة تاريخية عميقة، فهو مستمد من التاريخ الإسلامي في منطقة المغرب العربي والساحل، إذ يشير إلى حركة المرابطين التي كانت معروفة بالشجاعة والتضحية والدفاع عن القيم. هذا اللقب يعكس تمامًا الروح القتالية التي يتميز بها لاعبو المنتخب الموريتاني في كل مباراة.

ومن أبرز اللاعبين الذين صنعوا أمجاد المنتخب في السنوات الأخيرة نجد أسماء مثل **خاسا كامارا**، **أبراهيم صال**، **أدما با**، **إسماعيل دياكيتي**، و**عبد الله با**، وغيرهم من المحترفين الذين ينشطون في أندية أوروبية وعربية. هؤلاء اللاعبون كانوا سفراء لوطنهم في الخارج وساهموا بخبراتهم في رفع مستوى المنتخب.

المنتخب الموريتاني يعتمد على مزيج متوازن من اللاعبين المحليين والمحترفين، وقد ساهم هذا الخليط في بناء فريق متجانس ومتماسك. فالدوري الموريتاني تطور كثيرًا في العقد الأخير، خاصة مع بروز نادي إف سي نواذيبو كمؤسسة احترافية تُعدّ لاعبين مميزين، مما ساهم في تحسين مستوى المنتخب الوطني بشكل واضح.

كما لا يمكن إغفال دور **الاتحاد الموريتاني لكرة القدم** في إحداث نهضة حقيقية في البنية التحتية، حيث تم إنشاء ملاعب جديدة وتطوير مراكز تدريب حديثة، إلى جانب تنظيم مسابقات شبابية لتشجيع المواهب الصاعدة. وقد لاقت هذه الجهود دعمًا من الحكومة الموريتانية التي باتت تعتبر الرياضة وسيلة لترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز صورة البلاد في الخارج.

وعلى الصعيد الجماهيري، أصبحت مباريات المنتخب الموريتاني حدثًا وطنيًا بامتياز، حيث تمتلئ المدرجات بالأعلام الخضراء والصفراء والحمراء، وتتعالى الأهازيج التي تعبر عن حب الوطن والفخر بالهوية. هذه الروح الجماعية من الدعم أسهمت في تحفيز اللاعبين لتقديم كل ما لديهم داخل الملعب.

في تصفيات كأس العالم، ورغم أن المنتخب الموريتاني لم ينجح بعد في التأهل إلى النهائيات، إلا أنه قدّم مباريات قوية ضد منتخبات كبرى مثل تونس والمغرب والسنغال، وأظهر تطورًا واضحًا في المستوى الفني والبدني. وأصبح المرابطون اليوم من المنتخبات التي تُحسب لها ألف حساب في القارة السمراء.

ويُعتبر **ملعب الشيخ ولد بيديا** في نواكشوط معقل المنتخب وأحد أبرز رموز الكرة الموريتانية، حيث شهد لحظات لا تُنسى من الانتصارات التاريخية والاحتفالات الوطنية الكبرى. وقد أصبح هذا الملعب مكانًا مقدسًا لكل مشجع موريتاني يعشق كرة القدم.

اليوم، يعيش المنتخب الموريتاني مرحلة نضج واستقرار نسبي، ويسعى إلى مواصلة مسيرته في رفع اسم بلاده عاليًا. ومع الجيل الجديد من اللاعبين الذين يجمعون بين المهارة والانضباط، فإن المستقبل يبدو مشرقًا. فموريتانيا، التي كانت تُعتبر يومًا من المنتخبات الصغيرة، أصبحت اليوم نموذجًا في الإصرار والصبر والعمل الجاد.

المرابطون لا يلعبون فقط من أجل النقاط أو التأهل، بل يلعبون من أجل الكرامة الوطنية، من أجل راية بلادهم التي ترفرف في سماء إفريقيا. وفي كل مرة يدخلون فيها الملعب، يشعرون أن خلفهم شعبًا بأكمله يساندهم ويدعو لهم بالفوز. ومع كل مباراة جديدة، يكتب المنتخب الموريتاني صفحة جديدة من صفحات المجد، ويُثبت أن الحلم الذي بدأ صغيرًا أصبح اليوم واقعًا حيًا، وأن الطموح لا يعرف المستحيل عندما يمتزج بالإيمان والإرادة.




0Comments