البث المباشر في أسفل الصفحة
تقديم النادي الإفريقي :
النادي الإفريقي هو أحد أعرق الأندية الرياضية في تونس وإفريقيا، تأسس يوم 4 أكتوبر سنة 1920 في قلب العاصمة التونسية، وتحديداً في حي باب الجديد العريق. يعتبر النادي الإفريقي رمزاً من رموز الرياضة التونسية والعربية، وله مكانة خاصة في قلوب ملايين الجماهير داخل تونس وخارجها. يحمل الفريق ألواناً مميزة هي الأحمر والأبيض، وهما رمزان للعزّة والكرامة والانتماء الوطني، وقد رُفع شعار النادي طيلة قرن كامل كرمز للروح القتالية والوفاء للتاريخ. النادي الإفريقي لم يكن مجرد فريق كرة قدم، بل مؤسسة اجتماعية وثقافية ساهمت في بناء الوعي الوطني خلال فترة الاستعمار الفرنسي، حيث كان النادي واجهة للمقاومة الثقافية والرياضية، يجمع الشباب التونسي حول قيم الوحدة والهوية والانتماء.
منذ تأسيسه، عرف النادي الإفريقي مسيرة مليئة بالإنجازات والأفراح والبطولات. في كرة القدم، فاز الفريق بعديد الألقاب المحلية، من بينها بطولة الرابطة التونسية المحترفة الأولى التي توّج بها أكثر من 13 مرة، إضافة إلى عدد كبير من كؤوس تونس التي بلغت رقماً قياسياً جعله من أكثر الفرق تتويجاً بالمسابقة. أما على المستوى القاري، فقد كتب النادي الإفريقي اسمه بأحرف من ذهب سنة 1991 عندما أصبح أول نادٍ تونسي يحرز دوري أبطال إفريقيا، بعد مشوار بطولي تُوّج بانتصاره في النهائي على نادي شبيبة القبائل الجزائري. كما فاز بكأس الاتحاد الإفريقي سنة 1995 وشارك في عدة نسخ من كأس العالم للأندية الإفريقية. هذه الإنجازات جعلت منه رقماً صعباً في القارة السمراء، ومصدر فخر لكل تونسي.
لكن النادي الإفريقي لم يكن فقط نادياً بطولات، بل مدرسة في تكوين اللاعبين وصناعة النجوم. فقد أنجب العديد من الأسماء التي سطعت في سماء الكرة التونسية والعربية، مثل فوزي الرويسي، خالد القربي، زهير الذوادي، عبد السلام السعيداني، صابر خليفة، وأسطورة الحراسة عادل الدخيلي، وغيرهم من اللاعبين الذين حملوا راية الفريق بافتخار. كما ساهم في تزويد المنتخب الوطني بالعديد من الركائز التي رفعت راية تونس في كأس إفريقيا وكأس العالم.
من الناحية الجماهيرية، يتميز النادي الإفريقي بقاعدة جماهيرية هي الأكبر والأكثر وفاءً في تونس. جماهيره، التي تُعرف باسم “الأمة الإفريقية”، تضرب المثل في الإخلاص والدعم اللامحدود للفريق، مهما كانت الظروف. سواء في الفوز أو في الهزيمة، تبقى مدرجات ملعب رادس أو المنزه مكسوة بالأحمر والأبيض، تردد الأهازيج وتهتف باسم النادي، في مشهد يجسد معنى العشق الأبدي. هذه الجماهير لم تتوقف يوماً عن دعم فريقها حتى في أحلك الظروف، بل ساهمت في إنقاذ النادي من أزمات مالية خانقة عبر حملات تبرع ضخمة، أثبتت أن العلاقة بين النادي وجماهيره تتجاوز حدود الرياضة لتصل إلى مستوى الانتماء الروحي.
النادي الإفريقي مرّ بفترات صعبة خلال تاريخه، خاصة من الناحية الإدارية والمالية، لكن تلك الأزمات لم تُضعف من قيمته أو من مكانته في المشهد الرياضي التونسي. على العكس، كانت كل أزمة دافعاً للنهوض من جديد، بفضل إرادة جماهيره وتاريخيه العريق. ورغم المنافسة الشديدة مع خصمه التقليدي الترجي الرياضي التونسي، يبقى الديربي بين الفريقين من أكثر المباريات إثارة في إفريقيا والعالم العربي، يجمع بين التاريخ والعراقة والشغف الجماهيري الكبير.
النادي الإفريقي لم يقتصر نشاطه على كرة القدم فحسب، بل كان أيضاً قوة رياضية متعددة الفروع. ففي كرة اليد، حقق النادي بطولات عربية وإفريقية كثيرة، وأصبح أحد أبرز أندية القارة في هذه الرياضة. أما في كرة السلة والسباحة والملاكمة وغيرها من الرياضات، فقد كان للنادي حضور دائم وتاريخ طويل من النجاحات، ما جعله مؤسسة رياضية متكاملة بكل معنى الكلمة.
إدارياً، عرف النادي على مر السنين عدداً من الرؤساء الذين تركوا بصمتهم، مثل عبد العزيز بن الطيب، فريد عباس، سليم الرياحي وغيرهم، الذين ساهموا بدرجات متفاوتة في تطوير النادي ورفع مستواه الفني والإداري. وعلى الرغم من الخلافات والتقلبات، بقي الهدف دائماً واحداً: حماية تاريخ النادي والدفاع عن ألوانه.
اليوم، وبعد أكثر من قرن على تأسيسه، يواصل النادي الإفريقي مسيرته بكل فخر وإصرار، واضعاً نصب عينيه استعادة مجده المحلي والقاري. مشروع إعادة البناء الذي انطلق في السنوات الأخيرة، سواء عبر تسوية الملفات المالية أو تكوين فريق شبابي طموح، يعكس الرغبة في كتابة فصل جديد من المجد الإفريقي. فالنادي الإفريقي ليس مجرد نادٍ رياضي، بل قصة وطن، وتاريخ من النضال والعطاء، وذاكرة جماعية لشعب وجد فيه رمزاً للفخر والعزة.
وفي النهاية، يمكن القول إن النادي الإفريقي هو أكثر من مجرد اسم في سجل الرياضة التونسية، إنه أسطورة حيّة تعيش في قلوب الملايين. كل شعار يُرفع، كل أغنية تُردد في المدرجات، وكل دمعة فرح أو حزن تنزل بعد مباراة، هي دليل على أن هذا النادي يمثل روح تونس وذاكرتها الرياضية. فالنادي الإفريقي سيبقى خالداً، جيلاً بعد جيل، رمزاً للشموخ والانتماء، وعنواناً لمجدٍ لا يزول.
تقديم الاتحاد الرياضي المنستيري :
الاتحاد الرياضي المنستيري هو أحد أعرق الأندية التونسية وأكثرها أصالة، ينتمي إلى مدينة المنستير الساحلية الجميلة الواقعة في الساحل الشرقي للبلاد، تلك المدينة التي أنجبت الزعيم الحبيب بورقيبة وأهدت لتونس نادياً أصبح اليوم من رموز كرة القدم الوطنية. تأسس الاتحاد المنستيري سنة 1923 تحت اسم **Ruspina Sports** قبل أن يحمل لاحقاً اسمه الحالي، ليكون بذلك من أقدم الجمعيات الرياضية في تونس والعالم العربي. ألوانه الرسمية هي **الأزرق والأبيض**، وهي ألوان البحر والنقاء والهدوء التي تعكس هوية المدينة الساحلية التي ينبض قلبها عشقاً لكرة القدم.
منذ تأسيسه، كان الاتحاد المنستيري أكثر من مجرد فريق رياضي؛ لقد كان مرآة للمجتمع المنستيري ومتنفساً للشباب الطموح في زمن كانت فيه الرياضة وسيلة للتعبير عن الذات والانتماء للوطن. ورغم أن الفريق مرّ بمراحل صعود وهبوط عديدة على امتداد تاريخه الطويل، فإنه ظل وفياً لقيمه الأساسية المتمثلة في الجدية، الالتزام، والروح الرياضية العالية.
عاش الاتحاد المنستيري سنوات طويلة بين الصعود والنزول في درجات البطولة التونسية، لكنه عرف انطلاقته الكبرى في السنوات الأخيرة، خاصة منذ موسم 2019–2020 حين دخل مرحلة جديدة من تاريخه الحديث، محققاً إنجازات غير مسبوقة. ففي ذلك الموسم التاريخي، نجح الفريق بقيادة المدرب لسعد جردة الشابي في تحقيق أول لقب رسمي في تاريخه، وهو **كأس تونس**، بعد فوزه المثير على النادي الرياضي الصفاقسي بنتيجة 2-0 في المباراة النهائية، ليكتب بذلك صفحة ذهبية في سجل الكرة التونسية. ذلك التتويج لم يكن عادياً، بل مثّل تتويجاً لمسيرة عقود من الصبر والكفاح والوفاء لجماهيره.
وبعد التتويج بالكأس، واصل الاتحاد المنستيري تألقه، فحقق المركز الثاني في بطولة الرابطة المحترفة الأولى في نفس الموسم، وهو أفضل ترتيب في تاريخه، ما مكنه من المشاركة لأول مرة في تاريخه في **كأس الكونفدرالية الإفريقية**. في تلك المشاركة القارية، أثبت الفريق أنه قادر على مقارعة كبار القارة، حيث قدم مستويات مشرفة وأداءً جماعياً منضبطاً نال إعجاب النقاد والجماهير على حد سواء.
الفريق يتميز بمدرسة كروية خاصة تعتمد على اللعب الجماعي والانضباط التكتيكي، وهو ما جعل الاتحاد المنستيري يُعرف بأنه “فريق العمل والهدوء”. وخلال السنوات الأخيرة، أصبح نموذجاً في حسن التسيير والتنظيم، إذ تمكنت إدارته من تحويل النادي إلى مؤسسة احترافية، تملك رؤية واضحة وتخطيطاً استراتيجياً بعيد المدى، سواء على مستوى البنية التحتية أو التكوين أو التسويق الرياضي.
جماهير الاتحاد المنستيري، رغم أنها ليست الأكبر عدداً مقارنة ببعض الأندية الكبرى، إلا أنها من أكثر الجماهير وفاءً وانتماءً. فهم يرافقون فريقهم في كل المدن والملاعب، يرفعون أعلامهم الزرقاء والبيضاء بفخر، ويهتفون باسم “الاتحاد” بحماس نادر. هؤلاء الأنصار يرون في ناديهم أكثر من فريق كرة قدم؛ إنه رمز لمدينتهم وهويتهم وثقافتهم. مدينة المنستير كلها تتنفس الاتحاد، من الأسواق إلى الشواطئ إلى المقاهي التي تعجّ بالنقاشات حول المباريات.
اللاعبون الذين مروا عبر صفوف الاتحاد المنستيري تركوا بصمات خالدة في ذاكرة الجماهير. فقد لعب للفريق على مر السنين العديد من الأسماء اللامعة، مثل عادل بن مسعود، مجدي تراوي، زياد الزيادي، واليوم برزت أسماء جديدة مثل إلياس الجلاصي، يوسف العبدلي، ومحمد علي بن حمودة قبل انتقاله إلى الترجي، إضافة إلى عدد من النجوم الأجانب الذين تألقوا بقميص الفريق.
من الناحية الفنية، عرف الاتحاد المنستيري استقراراً نسبياً في السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن أصبح يعتمد على جهاز فني متجانس يعمل في صمت بعيداً عن الضوضاء الإعلامية، ما ساعده على التطور التدريجي والوصول إلى مصاف الأندية الكبرى. كما نجح في تكوين فريق احتياطي قوي يعتمد على أبناء المدرسة المنستيرية الذين تربوا على قيم الانضباط وحب الشعار.
أما من حيث البنية التحتية، فيُعد **ملعب مصطفى بن جنات** من أبرز المعالم الرياضية في تونس، وهو المعقل التاريخي للاتحاد المنستيري. هذا الملعب شهد أجمل لحظات النادي، من صعوداته إلى تتويجاته، وهو اليوم من بين الملاعب التي تستضيف مباريات المنتخب الوطني أيضاً، لما يتمتع به من جودة أرضية وموقع استراتيجي جميل يطل على البحر.
الاتحاد المنستيري أيضاً نادٍ متعدد الاختصاصات، له فروع في كرة السلة واليد وألعاب القوى وغيرها. في كرة السلة، حقق الفريق بطولات محلية بارزة، كما أصبح من الأندية المميزة قارياً، خاصة بعد تتويجه بكأس الأندية الإفريقية سنة 2023، ليؤكد أن الاتحاد المنستيري ليس مجرد اسم محلي، بل مؤسسة رياضية متكاملة.
من الناحية الإدارية، يلقى النادي احتراماً واسعاً في الأوساط الرياضية بفضل انضباطه المالي والتنظيمي. إذ تعتبر تجربته نموذجاً يحتذى به في الحوكمة الرشيدة داخل الأندية التونسية. ورغم الصعوبات الاقتصادية التي واجهها، تمكن الاتحاد من الحفاظ على استقراره بفضل تخطيط مسؤوليه وثقة جماهيره التي لم تتخلّ عنه يوماً.
اليوم، وبعد قرن من الوجود تقريباً، يقف الاتحاد الرياضي المنستيري شامخاً بين كبار الأندية التونسية. لم يعد يُعتبر “الفريق المتواضع” كما في الماضي، بل أصبح منافساً جدياً على البطولات، وصوتاً مسموعاً في إفريقيا. هو الفريق الذي كسب احترام الجميع بفضل عمله الجاد وأدائه النزيه واحترافيته العالية.
الاتحاد المنستيري هو قصة نجاح تونسية بامتياز؛ قصة مدينة صغيرة استطاعت أن تفرض اسمها في سجل التاريخ الكروي الكبير. هو فخر الساحل التونسي، وواجهة المنستير المشرقة التي تجمع بين الهدوء والجمال والطموح اللامحدود. كل هدف يسجله الفريق، وكل انتصار يحققه، يُعدّ انتصاراً لمدينة بأكملها، ولجماهير آمنت أن الوفاء والعمل الصامت أقوى من الصخب الإعلامي.
وبين أمجاد الماضي وطموحات المستقبل، يبقى الاتحاد المنستيري نادياً استثنائياً يكتب فصول تاريخه بكل فخر. نادي العزيمة والوفاء، نادي الكرامة والانضباط، نادي حمل راية المنستير وجعلها ترفرف عالياً في سماء الرياضة التونسية والإفريقية. الاتحاد ليس مجرد فريق، بل روح مدينة، وذاكرة وطن، وأمل جيل جديد يرى فيه رمزاً للتحدي والطموح والتجديد.
0Comments