Labels

Show more

مباراة الترجي و النادي البنزرتي

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم الترجي الرياضي التونسي :

الترجي الرياضي التونسي، أو كما يُلقّب بـ"شيخ الأندية التونسية"، هو نادٍ عريق يُعتبر رمزًا من رموز كرة القدم في تونس والعالم العربي والإفريقي. تأسس هذا النادي العريق في 15 يناير 1919 بحيّ باب سويقة بالعاصمة تونس، على يد مجموعة من الشباب الوطنيين الذين كانت لديهم رغبة قوية في إنشاء نادٍ تونسي يعبّر عن هوية البلاد ويدافع عن ألوانها في فترةٍ كانت فيها تونس تحت الإستعمار الفرنسي. وقد اتخذ النادي اللونين الأحمر والأصفر شعارًا له، وهما اللونان اللذان أصبحا رمزًا للفخر والانتماء لجماهيره العريضة.

منذ تأسيسه، حمل الترجي رسالة تتجاوز الرياضة، فقد كان عنوانًا للنضال الوطني والتحدي ضد الاستعمار. لم يكن مجرد نادٍ لكرة القدم، بل كان مدرسة لتربية الأجيال على الوطنية والانضباط والروح الجماعية. ومع مرور العقود، تحوّل الترجي إلى مؤسسة رياضية كبرى تضم عديد الفروع مثل كرة اليد، الكرة الطائرة، وألعاب القوى، لكن فرع كرة القدم ظل دائمًا القلب النابض للنادي ورمز مجده الأكبر.

الترجي الرياضي التونسي هو أكثر نادٍ تتويجًا في تاريخ كرة القدم التونسية، حيث يمتلك عددًا قياسيًا من البطولات المحلية، منها أكثر من 30 لقبًا في الدوري التونسي الممتاز، وعشرات الكؤوس الوطنية وكأس السوبر. سيطر الترجي على الساحة المحلية لعقود طويلة بفضل استقراره الإداري والفني، وبفضل مدرسة شبابه التي أنجبت أجيالاً من النجوم مثل طارق ذياب، خالد بن يحيى، شكري الواعر، سامي الطرابلسي، وهشام الدغري وغيرهم من الأساطير.

على الصعيد القاري، صنع الترجي مجدًا استثنائيًا في إفريقيا. فقد تُوّج بدوري أبطال إفريقيا عدة مرات، أبرزها سنوات 1994، 2011، 2018، و2019، ليصبح واحدًا من أنجح الأندية في تاريخ المسابقة. وقد حقّق أيضًا كأس الكونفدرالية الإفريقية وكأس السوبر الإفريقي، إلى جانب مشاركاته المشرّفة في كأس العالم للأندية التي مثل فيها تونس والقارة الإفريقية بكل فخر. كان الترجي دائمًا يُنافس الأندية الكبرى مثل الأهلي المصري، الرجاء والوداد المغربيين، ومازيمبي الكونغولي، وظلّ اسمه حاضرًا في كل المحافل الإفريقية والعربية.

ومن العلامات البارزة في تاريخ الترجي أنه لا يكتفي بالانتصارات داخل الميدان، بل يحرص أيضًا على تطوير بنيته التحتية. فالنادي يمتلك مركزًا للتكوين يُعد من الأفضل في تونس وإفريقيا، يهتم بإعداد اللاعبين الصغار وتأهيلهم بدنيًا وفنيًا وأخلاقيًا. وقد أخرج هذا المركز أسماء كبيرة أثرت كرة القدم التونسية والإفريقية، وساهمت في تألق المنتخب الوطني في البطولات القارية والعالمية.

إداريًا، يُعتبر الترجي نموذجًا في التنظيم والاستقرار. تحت رئاسة حمدي المدّب، عاش الفريق فترة ذهبية من حيث النتائج والاحترافية في التسيير. فقد تمكّن النادي من الجمع بين التتويجات المحلية والإفريقية بشكل متواصل، مع الحفاظ على صورة راقية داخل وخارج الميدان. كما اهتمت الإدارة بتطوير الجانب التسويقي والإعلامي للنادي، مما جعله من أكثر الأندية متابعة على مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي.

جماهير الترجي هي القلب النابض للنادي، إذ تواكب الفريق في كل مكان، داخل تونس وخارجها. تُعرف هذه الجماهير بانضباطها وتنظيمها الرائع في صناعة الدخلات (Tifos) التي تبهر العالم بجمالها وإبداعها، وقد تحولت مدرجات الترجي إلى لوحة فنية من الألوان والأعلام والدخان الأحمر والأصفر، ترعب الخصوم وتلهب حماس اللاعبين. إنها جماهير لا تعرف الاستسلام، مهما كانت النتيجة، دائمًا تردد شعارها الشهير: “ديما ترجي.. ديما الأول”.

من الناحية الفنية، عُرف الترجي بأسلوب لعبه القوي والمنظم، القائم على السيطرة على الكرة، والانضباط التكتيكي، والروح الجماعية. وقد تعاقب على تدريبه نخبة من المدربين المحليين والعالميين، الذين تركوا بصمتهم على مسيرة النادي، مثل فوزي البنزرتي، نبيل معلول، معين الشعباني، وغيرهم ممن صنعوا أمجاد الفريق ورفعوا رايته عاليًا.

الترجي لا يقتصر تأثيره على الملعب فقط، بل يمتد إلى المجتمع التونسي بأسره. فهو يمثل فخر العاصمة ورمزًا للوحدة والانتماء. عند كل انتصار، تمتلئ الشوارع بالأعلام والأهازيج، وتتحول تونس إلى مهرجان من الفرح والاعتزاز. وفي المقابل، عند الهزيمة، يشعر أنصاره بالحزن الجماعي، لكنهم سرعان ما يعودون لدعم فريقهم بإيمان لا يتزعزع.

إنّ الترجي الرياضي التونسي ليس مجرد نادٍ لكرة القدم، بل هو مؤسسة وطنية، مدرسة في الوفاء والانضباط، وسفارة رياضية تُعرّف العالم بتاريخ تونس وحضارتها. هو تاريخ من المجد والبطولات، وحاضر من العمل والجدية، ومستقبل من الطموح والتطور. شعار النادي “الترجي ديما الأول” ليس مجرد كلمات، بل عقيدة يعيشها كل من انتمى لهذا الكيان العظيم.

لقد تجاوز الترجي حدود المستطيل الأخضر ليصبح ظاهرة ثقافية واجتماعية في تونس والعالم العربي. هو قصة عشق أبدية بين نادٍ وجماهيره، بين الأحمر والأصفر، بين الماضي المجيد والمستقبل المشرق. سيظل الترجي دائمًا شامخًا كجبل، مرفوع الرأس، رمزًا للفخر والعزّة، عنوانًا للنجاح، ونبضًا لا يتوقف في قلب كل تونسي يعشق كرة القدم.

تقديم النادي الرياضي البنزرتي :

النادي الرياضي البنزرتي، أو كما يُعرف اختصارًا بـ"النادي البنزرتي"، هو أحد أعرق الأندية في تاريخ كرة القدم التونسية، وهو الفريق الذي يمثل مدينة بنزرت، تلك المدينة الساحلية الجميلة الواقعة في أقصى شمال الجمهورية التونسية، والمعروفة بتاريخها العريق وثقافتها الغنية وانفتاحها على البحر والمتوسط. تأسس النادي سنة 1928، ليكون من أوائل الأندية التونسية التي نشأت في فترة الاستعمار الفرنسي، فكان منذ بدايته أكثر من مجرد فريق كرة قدم، بل كان رمزًا للمقاومة والهوية الوطنية، وصوتًا لأبناء بنزرت في زمن كان فيه الانتماء الوطني تعبيرًا عن الرفض والصمود.

ارتدى النادي ألوانه الشهيرة — الأصفر والأسود — لتصبح منذ ذلك الحين رمزًا للفخر والانتماء في المدينة، يرفعها أهل بنزرت في الشوارع والملاعب والمهرجانات، وترافقهم في الأفراح والأتراح. ومنذ تأسيسه، كان النادي البنزرتي يُعرف بانضباطه الكبير، وبكونه من المدارس الكروية التي أنجبت أجيالًا من اللاعبين الذين تركوا بصماتهم في تاريخ الكرة التونسية والعربية والإفريقية.

يُعدّ النادي البنزرتي من بين أقدم الأندية التي انضمت إلى الاتحاد التونسي لكرة القدم بعد الاستقلال، وقد كان من الأندية التي ساهمت في تطوير اللعبة داخل البلاد. وبفضل روح المدينة وذكاء إداراته المتعاقبة، أصبح الفريق من الأسماء المهيبة في البطولة الوطنية التونسية، منافسًا شرسًا للفرق الكبرى مثل الترجي الرياضي التونسي، النجم الساحلي، النادي الإفريقي، والنادي الصفاقسي.

تاريخ النادي البنزرتي مليء بالمحطات المشرقة، لعل أبرزها تتويجه بالبطولة الوطنية سنة 1984، وهو اللقب الذي خلد في ذاكرة جماهيره باعتباره تتويجًا لمجهودات طويلة من العمل والاجتهاد. كما فاز النادي بكأس تونس أربع مرات (1979، 1982، 1987، و1988)، وكان دائمًا خصمًا صعبًا في المسابقات المحلية، بفضل عزيمة لاعبيه وروحهم القتالية العالية.

أما على الصعيد القاري، فقد كان النادي البنزرتي أول فريق تونسي يحقق بطولة إفريقية، حيث توّج سنة 1988 بكأس الاتحاد الإفريقي (الكونفدرالية الإفريقية حاليًا)، ليصنع بذلك مجدًا قاريًا كبيرًا ويضع اسم بنزرت في قائمة المدن الإفريقية المتوجة. ذلك اللقب ظلّ إلى اليوم مصدر فخر لجماهير النادي، لأنه كان ثمرة جهد وإصرار من مجموعة من اللاعبين الموهوبين الذين آمنوا بإمكاناتهم رغم محدودية الإمكانيات المالية في ذلك الوقت.

ملعب 15 أكتوبر في بنزرت هو القلعة التي يحتضن فيها الفريق مبارياته، وهو من الملاعب ذات الرمزية التاريخية في تونس. لا يُعتبر مجرد ملعب، بل هو معبد كروي، ومكان تُولد فيه الأحلام وتُنسج فيه القصص. مدرجاته كانت ولا تزال تضج بحناجر جماهير النادي، تلك الجماهير المعروفة بولائها الكبير، والتي تعتبر من أكثر الجماهير عشقًا لفريقها رغم الصعوبات. شعارهم دائمًا: "ديما بنزرتي"، وهي جملة تختصر علاقة حب لا تنتهي بين المدينة وناديها.

النادي البنزرتي يتميّز أيضًا بكونه مدرسة لتكوين اللاعبين الشباب. فقد عرف بتخريج نجوم كبار مرّوا من أبوابه نحو المجد، سواء في المنتخب الوطني أو في أندية كبرى داخل وخارج تونس. من بين هؤلاء النجوم نذكر الهادي بن طرّاط، لطفي السليمي، خالد المولهي، حمزة المثلوثي، وغيرهم من اللاعبين الذين تركوا بصمتهم في تاريخ كرة القدم التونسية. مدرسة النادي لطالما كانت مفخرة للجهة، لأنها تجمع بين التكوين الرياضي والانضباط الأخلاقي، وتُغرس في اللاعبين قيم الولاء والاجتهاد وحب القميص.

من الناحية الإدارية، مرّ النادي البنزرتي بفترات صعبة، خاصة من الناحية المالية، لكنه رغم ذلك ظلّ صامدًا بفضل تضحيات رجاله ومحبيه. وقد عُرف النادي بقدرته على النهوض بعد كل أزمة، تمامًا كطائر الفينيق الذي يولد من رماده. فحتى في أصعب الفترات، عندما كان يواجه خطر النزول إلى القسم الثاني، لم تفقد جماهيره الأمل، بل كانت دائمًا السند الحقيقي الذي يدفع الفريق نحو البقاء والاستمرار.

من الجوانب التي تميز النادي أيضًا، علاقته الوثيقة بأبناء المدينة. فهو ليس مجرد نادٍ رياضي، بل جزء من هوية بنزرت الثقافية والاجتماعية. في كل حيّ من أحيائها، تجد أطفالًا يرتدون الألوان الصفراء والسوداء، يتحدثون عن مباريات الفريق، ويحلمون باللعب تحت رايته يومًا ما. النادي البنزرتي بالنسبة لأهل المدينة هو فخرهم الأكبر، وهو الرابط الذي يجمعهم مهما اختلفت أعمارهم أو خلفياتهم.

رياضة النادي لا تقتصر على كرة القدم فقط، بل تشمل أيضًا فروعًا أخرى مثل كرة اليد والكرة الطائرة وألعاب القوى، لكنه يظل معروفًا أولًا وأساسًا بفريقه الكروي الذي يُعد واجهته الأولى وسبب شهرته الواسعة.

عرف النادي عبر تاريخه العديد من المدربين المميزين الذين ساهموا في تشكيل هويته الكروية، من بينهم مدربون تونسيون وأجانب تركوا بصمتهم من خلال العمل الجاد وتطوير أساليب اللعب. كما شهد الفريق أجيالًا مختلفة من اللاعبين الذين جسّدوا روح النادي، فكانوا مثالًا في التضحية والانتماء، وهو ما جعل النادي البنزرتي يحتفظ دائمًا بمكانة خاصة في قلوب التونسيين.

الجماهير البنزرتية تُعتبر من أكثر الجماهير انتماءً ووفاءً في تونس. فهي جماهير تعرف معنى العشق الحقيقي، لا تترك فريقها في السراء ولا في الضراء. تُرافقه في كل ملاعب البلاد، تسانده في الانتصارات وتشجعه في الهزائم، وتغني من القلب لأجل ناديها الذي تعتبره جزءًا من حياتها اليومية. هي جماهير تحمل في قلوبها شغفًا لا يُقاس، وإيمانًا بأن ناديها سيعود دائمًا إلى القمة مهما طال الغياب.

النادي البنزرتي هو أكثر من نادٍ رياضي، إنه كيان متجذر في وجدان المدينة وفي تاريخ الكرة التونسية. هو عنوان للثبات والتحدي، ورمز من رموز الشمال التونسي الذي لم يتوقف عن العطاء رغم كل الظروف. كل مباراة يخوضها الفريق هي معركة شرف، وكل هدف يسجله هو احتفال بالهوية والانتماء.

اليوم، يواصل النادي البنزرتي مسيرته بثبات، بين طموح العودة إلى منصات التتويج، وسعيه الدائم إلى تكوين جيل جديد قادر على إعادة الأمجاد. ورغم المنافسة الشرسة، فإن التاريخ يشهد أن هذا النادي لا يموت، بل ينهض كل مرة أقوى مما كان.

النادي البنزرتي سيظل دائمًا رمزًا من رموز الكرة التونسية، وركيزة أساسية في تاريخها، وفخرًا لأبناء بنزرت الذين لا يتوقفون عن حبّه وتشجيعه جيلاً بعد جيل. إنه نادٍ صنع مجده بعرق رجاله ودموع جماهيره، وهو اليوم يمضي بثقة نحو مستقبل يليق بعراقته وتاريخه المجيد.




 

0Comments