Labels

Show more

مباراة النادي الافريقي و مستقبل سليمان

 

البث المباشر في أسفل الصفحة

تقديم النادي الإفريقي :

النادي الإفريقي هو أحد أعرق وأشهر الأندية الرياضية في تونس والعالم العربي، تأسس يوم 4 أكتوبر سنة 1920 في العاصمة التونسية تونس، ويُعدّ أول نادٍ تونسي أسّسه تونسيون بالكامل خلال فترة الحماية الفرنسية، وهو رمز من رموز الوطنية والكرامة الرياضية في البلاد. يتخذ النادي من الأحمر والأبيض لونين رسميين له، وهما يرمزان إلى النقاء والقوة والانتماء. ويُعرف النادي الإفريقي بين جماهيره بلقب “نادي الشعب” و“الأحمر والأبيض”، وقد ظلّ على مدى أكثر من قرن مدرسة في كرة القدم والفخر والانتماء لتونس.

منذ تأسيسه، كان النادي الإفريقي أكثر من مجرد فريق كرة قدم؛ كان مؤسسة رياضية وثقافية واجتماعية تعكس طموحات التونسيين في الحرية والتميز. شارك في العديد من البطولات الوطنية والقارية، ودوّن اسمه بأحرف من ذهب في سجل الرياضة التونسية، إذ حقق أول بطولة وطنية بعد الاستقلال سنة 1957، ثم واصل حصد الألقاب المحلية بانتظام حتى أصبح أحد أكثر الأندية تتويجًا في تونس. يمتلك النادي قاعدة جماهيرية عريضة تمتد في كل أنحاء البلاد وخارجها، وتُعرف جماهيره بعشقها الكبير وشغفها اللامتناهي وحضورها المكثف في الملاعب، سواء في تونس أو في الخارج.

يُعتبر ملعب **رادس الأولمبي** الميدان الرئيسي الذي يحتضن مباريات الفريق، وهو من أكبر الملاعب في إفريقيا. أما المقر الرئيسي للنادي فيقع في حي باب الجديد العريق، وسط العاصمة، وهو مكان يحمل رمزية كبيرة في ذاكرة التونسيين. ويضم النادي الإفريقي عدة فروع رياضية إلى جانب كرة القدم، مثل كرة اليد وكرة السلة والسباحة، وكلها فروع حصدت ألقابًا وطنية وقارية، مما جعل النادي نموذجًا شاملاً في التميز الرياضي.

في كرة القدم، فاز النادي الإفريقي بالبطولة التونسية **13 مرة**، وكأس تونس **13 مرة أيضًا**، وكأس السوبر التونسي في مناسبات عديدة، إضافة إلى تتويجه التاريخي بلقب **دوري أبطال إفريقيا سنة 1991**، كأول نادٍ تونسي يحقق هذا الإنجاز القاري الكبير بعد فوزه على نادي فيتا كلوب الكونغولي في النهائي. كما نال النادي لقب **كأس السوبر الإفريقية سنة 1992** بعد فوزه على فريق شبيبة القبائل الجزائري، ولقب **كأس الكؤوس الإفريقية سنة 1997**، ما جعله من أبرز الأندية الإفريقية في التسعينات.

مرّ النادي الإفريقي عبر فترات من المجد وأخرى من الصعوبات، لكنه ظلّ دائمًا صامدًا بفضل جماهيره الوفية التي لا تتخلى عنه في أحلك الظروف. في فترات الأزمات المالية والإدارية، كانت الجماهير دائمًا العمود الفقري للنادي، تنظّم الحملات وتجمع التبرعات وتساند اللاعبين في كل الظروف. وقد أصبح شعار "CA mon amour" (النادي الإفريقي حبي) شعارًا خالدًا يردّده الصغار والكبار، رمزًا للوفاء والولاء الذي لا ينكسر.

من بين أبرز نجوم النادي عبر التاريخ، نجد أسماء كبيرة مثل **عبد العزيز بن طوبال** و**عبد المجيد الساحلي** و**فوزي البنزرتي** و**لطفي الرويسي** و**فؤاد كمون** و**شوقي بن سعادة** و**زبير بيا** و**كريم العواضي** وغيرهم من النجوم الذين حملوا ألوان النادي بكل فخر، وأسهموا في رفع رايته محليًا وقاريًا. كما يُعرف النادي بإخراجه لعدد كبير من اللاعبين الموهوبين الذين مثّلوا المنتخب الوطني التونسي في أكبر المسابقات القارية والعالمية.

النادي الإفريقي لا يُختصر في كرة القدم فقط، ففرع **كرة اليد** حقق إنجازات أسطورية، إذ يعتبر من أكثر الأندية تتويجًا في القارة الإفريقية، بحصده **عدة بطولات إفريقية وكؤوس تونس**، وكان منافسًا دائمًا لنادي الترجي الرياضي في قمم مثيرة ألهبت الجماهير. أما فرع **كرة السلة**، فقد قدّم بدوره أسماء لامعة وأسهم في ترسيخ صورة النادي كمدرسة في تكوين الأبطال في مختلف الاختصاصات.

على المستوى الإداري، عرف النادي الإفريقي رجالًا أفذاذًا ساهموا في ترسيخ مكانته، مثل **المرحوم عبد العزيز بن طوبال** و**كريم بن يحيى** و**سليم الرياحي** و**عبد السلام اليونسي** وغيرهم ممن تركوا بصمة في تاريخه الطويل. وعلى الرغم من التحديات التي واجهها النادي في السنوات الأخيرة، مثل الديون والعقوبات، فإن روح النادي ظلت حيّة بفضل جمهوره وحنين تاريخه المجيد.

جماهير الإفريقي تُعدّ من أكثر الجماهير وفاءً في العالم العربي، فهي لا تتخلى عن ناديها مهما كانت النتائج، وتشهد ملاعب تونس على مشاهد أسطورية من التشجيع والغناء والولاء. “وينو الإفريقي؟” ليست مجرد عبارة، بل نداء للعودة إلى المجد، و“ديما الإفريقي” شعار خالد يختصر علاقة الحب الأبدية بين النادي وجماهيره.

لقد مثّل النادي الإفريقي، منذ تأسيسه وحتى اليوم، رمزًا للمقاومة والكرامة، وصوتًا للهوية التونسية الأصيلة. إنه نادٍ صنع التاريخ وبنى الأمجاد، وسيظلّ علامة فارقة في الرياضة التونسية والعربية، لا يغيب اسمه عن أي حديث عن الكرة الإفريقية. مهما تغيّرت الأزمنة وتبدلت الإدارات، سيبقى النادي الإفريقي شامخًا بلونيه الأحمر والأبيض، رمز العزّة، ومدرسة في الوفاء والانتماء.

تقديم مستقبل سليمان :

نادي **مستقبل سليمان الرياضي** هو أحد الأندية التونسية الصاعدة التي تمكنت خلال السنوات الأخيرة من فرض اسمها بقوة في سماء كرة القدم التونسية، بفضل عمل إداري منظم وروح قتالية عالية داخل المستطيل الأخضر. تأسس النادي في مدينة **سليمان** الواقعة بولاية نابل في الشمال الشرقي من تونس، وهي مدينة صغيرة لكنها غنية بالمواهب الكروية والشغف الكبير بكرة القدم. تأسس النادي في منتصف القرن العشرين، تحديدًا سنة **1960**، ليبدأ رحلة طويلة من التحديات والطموحات من أجل تمثيل مدينته في أعلى المستويات الرياضية.

منذ نشأته، كان هدف النادي واضحًا: تكوين جيل من اللاعبين المحليين الذين يمثلون الجهة بفخر ويؤسسون لمشروع رياضي متكامل. وقد بدأ النادي مشواره في الدرجات السفلى من البطولة التونسية، متنقلاً بين الأقسام، قبل أن ينجح بفضل العمل الجاد في تحقيق حلم طال انتظاره، وهو **الصعود إلى الرابطة المحترفة الأولى** في موسم **2018-2019** تحت قيادة المدرب الشاب **طارق ثابت**، في إنجاز تاريخي يعتبر نقطة تحول كبيرة في مسيرة الفريق.

هذا الصعود لم يكن وليد الصدفة، بل ثمرة سنوات من البناء والتخطيط، حيث اعتمد الفريق على تكوين شبان من أبناء الجهة، ومنحهم الفرصة لإبراز قدراتهم. كما لعبت الجماهير دورًا محوريًا في دعم النادي، إذ لطالما كانت مدينة سليمان تعيش على وقع المباريات، في أجواء حماسية تملؤها الروح الرياضية والانتماء الصادق للألوان الخضراء والبيضاء، وهي ألوان النادي التي ترمز إلى الأمل والنقاء والطموح.

يخوض مستقبل سليمان مبارياته الرسمية على **الملعب البلدي بسليمان**، وهو ميدان صغير الحجم مقارنة بملعب العاصمة أو سوسة، لكنه يحتضن جماهير غفيرة تعيش كل لحظة من لحظات المباراة بشغف كبير. الملعب أصبح رمزًا للمدينة ومركزًا للتجمع الرياضي والاجتماعي، حيث يُمثل الفريق فخرًا لأهالي سليمان الذين يرونه سفيرهم في الملاعب الوطنية.

بعد صعوده إلى الرابطة الأولى، واجه الفريق تحديات كبيرة في أولى مواسمه بين الكبار، لكنه أثبت قدرته على مجاراة أندية كبرى مثل الترجي الرياضي والنادي الإفريقي والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي. قدم مستقبل سليمان عروضًا محترمة، وتمكن من تحقيق نتائج إيجابية أمام فرق عريقة، ما جعل الجميع يحترم هذا النادي الصغير بطموحه الكبير.

يتميز مستقبل سليمان بنهج كروي يعتمد على اللعب الجماعي والانضباط التكتيكي، وهو ما جعله يحافظ على مكانته ضمن أندية النخبة منذ صعوده. ويُعرف الفريق بتكوينه لعدد من اللاعبين الشباب الذين تألقوا لاحقًا في أندية كبرى أو التحقوا بالمنتخب الوطني للأواسط. هذه السياسة الذكية في تكوين المواهب جعلت النادي يُعتبر من **المدارس الصاعدة في كرة القدم التونسية**.

من الناحية الإدارية، مرّ مستقبل سليمان بعدة مراحل، لكنّ أبرز من ساهم في تطويره هو **المدير الفني ورئيس النادي الحالي محمد بيّود**، الذي كان له دور كبير في بناء مؤسسة رياضية متكاملة ترتكز على الاستقرار المالي والإداري. ورغم محدودية الموارد، إلا أن النادي استطاع بفضل حسن التسيير أن يبقى بعيدًا عن الأزمات الكبرى التي عانت منها بعض الأندية العريقة.

أما على مستوى الجماهير، فمستقبل سليمان يحظى بقاعدة جماهيرية متزايدة، خاصة بعد ظهوره في الرابطة الأولى. جمهور الفريق يتميز بالهدوء والالتزام، لكنه في الوقت نفسه يعبر عن انتمائه للنادي بشغف كبير، رافعًا شعارات الفخر والانتماء مثل “ديما سليمان” و“الخضراء في القلب”. هذا الجمهور أصبح جزءًا من هوية النادي، يسانده في كل الظروف ويمنحه طاقة إيجابية تدفع اللاعبين لبذل أقصى الجهد.

عرف الفريق عبر تاريخه العديد من اللاعبين المميزين الذين تركوا بصمة في مسيرته، مثل **سليم بن عثمان**، **علاء الدين قمش**، **محمد المثناني**، و**زياد البكوش**، إلى جانب مجموعة من الشبان الذين أثبتوا أنفسهم في البطولات المحلية. كما مر على النادي عدد من المدربين الأكفاء الذين ساهموا في تطوير مستواه الفني، على غرار **طارق ثابت** و**محمد المكشر** وغيرهما ممن آمنوا بقدرة هذا النادي على صنع المعجزات.

ورغم صعوبة المنافسة في الدوري الممتاز، إلا أن مستقبل سليمان أثبت أن الطموح لا يُقاس بحجم المدينة أو بقدراتها المالية، بل بالإصرار والعمل الجماعي. فقد تمكن من الثبات في الرابطة الأولى لعدة مواسم متتالية، محتلاً مراكز مشرفة، ومحرزًا انتصارات مهمة أمام كبار الفرق، وهو إنجاز يُحسب له في ظل المنافسة الشرسة.

في الجانب الفني، يعتمد الفريق على أسلوب لعب حديث، يجمع بين الدفاع المنظم والهجوم السريع، مع التركيز على استغلال الكرات الثابتة والسرعة في المرتدات. وقد أظهر لاعبوه روحًا عالية في كل المباريات، سواء داخل الديار أو خارجها، مما جعله خصمًا صعبًا لأي فريق.

النادي اليوم يُعتبر نموذجًا في كيفية إدارة الموارد المحدودة بذكاء، وكيف يمكن لفريق من مدينة صغيرة أن يصنع لنفسه مكانًا بين الكبار. كما يطمح مسؤولو النادي في السنوات المقبلة إلى تطوير البنية التحتية وبناء مركز تكوين خاص بالشبان لتأمين مستقبل الفريق على المدى الطويل.

إنّ مستقبل سليمان لم يعد مجرد فريق صاعد، بل أصبح رمزًا للأمل والجدية في كرة القدم التونسية، يُثبت أن النجاح ممكن بالإيمان بالقدرات والعمل بروح الفريق. ورغم التحديات والصعوبات المالية، إلا أن النادي يواصل مشواره بثبات، طامحًا إلى لعب أدوار أكبر، وربما تمثيل تونس في المسابقات الإفريقية في المستقبل القريب.




0Comments