النادي الرياضي الصفاقسي هو واحد من أعرق وأكبر الأندية في تاريخ كرة القدم التونسية والعربية والإفريقية، ويمثل فخر مدينة صفاقس وعنوان مجدها الرياضي والثقافي. تأسس النادي سنة 1928 تحت اسم “النادي التونسي”، وكان الهدف من تأسيسه آنذاك مقاومة الهيمنة الرياضية الفرنسية وإعطاء فرصة للشباب التونسي للتعبير عن نفسه فوق الميدان. ومع مرور السنوات، تغير اسم الفريق ليصبح “النادي الرياضي الصفاقسي” سنة 1962، الاسم الذي أصبح رمزاً للتاريخ والإنجازات والهوية الصفاقسية الأصيلة.
يحمل النادي الرياضي الصفاقسي اللونين الأبيض والأسود، وهما اللونان اللذان أصبحا شعاراً للجدية والانضباط والعزيمة. يلقب الفريق بـ"عُشّ الدبابير" أو “الهمهامة”، في إشارة إلى الروح القتالية العالية التي يتميز بها لاعبوه فوق الميدان. كما يُعرف اختصاراً باسم "CSS"، وهو اليوم مؤسسة كروية متكاملة تجمع بين التكوين، المنافسة، والاحتراف.
منذ نشأته، عُرف النادي بحبه الكبير للكرة الجميلة وبأسلوبه الفني الراقي الذي يعتمد على اللمسة الفنية والبناء الجماعي للهجمات. وقد كان النادي الرياضي الصفاقسي من أبرز الأندية التي ساهمت في تطوير الكرة التونسية، سواء من خلال ألقابه المتعددة أو من خلال تكوين لاعبين مميزين ساهموا في رفع راية تونس في المحافل القارية والدولية.
على الصعيد المحلي، يُعد النادي الرياضي الصفاقسي من أكثر الأندية تتويجاً في تونس بعد الترجي والنجم الساحلي. فقد فاز بعدة بطولات للدوري التونسي الممتاز، كما حصد ألقاباً عديدة في كأس تونس، إلى جانب تتويجاته في كأس السوبر التونسي. ويُعرف الفريق بثباته الفني والإداري وبقدرته على المنافسة في كل موسم رغم التحديات والضغوطات.
أما على الصعيد القاري، فقد كتب النادي الرياضي الصفاقسي اسمه بأحرف من ذهب في سجل كرة القدم الإفريقية. فقد فاز بكأس الكونفدرالية الإفريقية في مناسبات عديدة (1998، 2007، 2008، 2013)، ليصبح أكثر نادٍ تونسي تتويجاً بهذه البطولة، كما وصل إلى نهائيات دوري أبطال إفريقيا وقدم أداءً مشرفاً في كل مشاركاته. وقد مثّل تونس في كأس العالم للأندية سنة 2007، وكان من أوائل الأندية التونسية التي شاركت في هذه المسابقة العالمية.
ولعل أبرز ما يميز النادي الرياضي الصفاقسي هو قدرته الكبيرة على تكوين النجوم وصقل المواهب. فمدرسة الفريق عُرفت منذ عقود بإنتاج لاعبين كبار أمثال علي معلول، فراس شواط، كريم العواضي، صفاقسي بن رمضان، قيس الغضبان، طارق التايب، هيكل قمامدية وغيرهم من اللاعبين الذين أصبحوا نجوماً في المنتخبات الوطنية أو في الدوريات الأوروبية والعربية.
كما عُرف النادي عبر تاريخه بإدارته الحكيمة ورؤسائه الذين تركوا بصمة واضحة في مسيرة الفريق، على غرار المنصف السلامي، لطفي علولو، والمنصف خماخم، الذين قادوا الفريق إلى نجاحات محلية وقارية بفضل تخطيطهم الجيد وحبهم الكبير للنادي.
جماهير النادي الرياضي الصفاقسي تُعد من أكثر الجماهير إخلاصاً وشغفاً في تونس. فهي جماهير عاشقة لكرة القدم وتعيش من أجل ناديها، تملأ مدرجات ملعب الطيب المهيري في كل مباراة، ترفع الرايات البيضاء والسوداء وتغني “CSS يا عزّ الرجال” لتلهب حماس اللاعبين وتدفعهم لتحقيق الانتصارات. هذه الجماهير لا تعرف الاستسلام وتساند فريقها في السراء والضراء، داخل صفاقس وخارجها، في تونس وخارجها.
كما يتميز النادي الرياضي الصفاقسي بطابعه الثقافي والاجتماعي، فهو ليس مجرد نادٍ رياضي بل مؤسسة تساهم في دعم الشباب الصفاقسي وتنمية المدينة من خلال المشاريع الاجتماعية والأنشطة الثقافية التي ينظمها النادي. ويُعتبر النادي واجهة مشرقة لمدينة صفاقس، المدينة المعروفة بتاريخها العريق وثقافتها المتجذرة وروحها العملية.
النادي الرياضي الصفاقسي يحتضن أيضاً عدة فروع رياضية إلى جانب كرة القدم، مثل الكرة الطائرة وكرة السلة وألعاب القوى، وكلها تشهد نجاحات وتكويناً متواصلاً. إلا أن فرع كرة القدم يبقى الواجهة الأساسية للنادي ورمزاً لتاريخه الطويل في المنافسات المحلية والإفريقية.
ولعل من أبرز أسرار نجاح هذا الفريق الكبير هو توازنه بين الأصالة والتجديد، فهو نادٍ يحافظ على تقاليده وهويته لكنه في الوقت نفسه يسعى دوماً للتطور ومواكبة العصر. يمتلك الفريق مركز تكوين متطوراً يعدّ من الأفضل في إفريقيا، حيث يتم فيه تأهيل اللاعبين الشبان أكاديمياً ورياضياً ليكونوا نجوماً في المستقبل.
النادي الرياضي الصفاقسي يرفع شعار "التحدي والتميز"، ويُعتبر من الأندية التي لا ترضى بالمركز الثاني أبداً. فكل موسم هو بالنسبة إليه فرصة جديدة لكتابة فصل آخر من المجد. وبالرغم من الصعوبات المالية أو الإدارية التي قد يمر بها من حين لآخر، يبقى الفريق متماسكاً بفضل عشاقه الذين لا يتخلون عنه أبداً.
باختصار، النادي الرياضي الصفاقسي هو أكثر من مجرد نادٍ لكرة القدم، إنه قصة كفاح ونجاح وعراقة. هو مدرسة في التكوين والانضباط، وقلعة من قلاع الكرة التونسية. يمثل صفاقس بكل ما فيها من جدية وحب للعمل، ويظل رقماً صعباً في كل المنافسات. وسيبقى “CSS” دائماً فخراً لتونس وعنواناً للمجد والإصرار، يواصل كتابة تاريخه العريق بأحرف من نور في سجل الكرة التونسية والإفريقية.
الترجي الرياضي التونسي هو أحد أعرق وأهم الأندية في تاريخ كرة القدم التونسية والعربية والإفريقية، ويُعد رمزاً للفخر والانتماء في تونس. تأسس النادي سنة 1919 في العاصمة تونس، تحديداً في الحي الشعبي "باب سويقة"، على يد مجموعة من الشبان التونسيين الذين كانت تجمعهم الرغبة في إنشاء فريق يمثل الهوية الوطنية في فترة الاستعمار الفرنسي. وقد حمل النادي اسم "الترجي" نسبة إلى مقهى "الترجي" الذي عُقد فيه الاجتماع التأسيسي الأول للفريق، ليصبح منذ ذلك اليوم أكثر من مجرد نادٍ رياضي، بل مؤسسة وطنية وجماهيرية ذات تأثير اجتماعي وثقافي كبير.
ألوان النادي الأحمر والأصفر لم تكن اختياراً عابراً، بل جاءت لتعبر عن القوة والحماس والطموح، وهي ألوان أصبحت جزءاً من وجدان كل محبٍ للترجي. شعار النادي يحمل تلك الروح القتالية والعزيمة التي طبعت مسيرته على مدى أكثر من قرن من الزمن. ومنذ تأسيسه، حرص الترجي على أن يكون مدرسة في الانضباط والعمل الجماعي والنجاح الرياضي، ما جعله يحقق إنجازات محلية وإفريقية وعالمية لا تُعدّ ولا تُحصى.
على الصعيد المحلي، يُعتبر الترجي الرياضي التونسي النادي الأكثر تتويجاً في تاريخ الدوري التونسي الممتاز، حيث حصد عشرات الألقاب بفضل استقراره الإداري والفني، وتفوقه في تكوين اللاعبين. كما فاز بعدة مرات بكأس تونس وكأس السوبر التونسي، ليُرسخ مكانته كزعيم الكرة التونسية بلا منازع. ويُعرف الترجي بامتلاكه قاعدة جماهيرية ضخمة تمتد عبر كل مناطق تونس، حيث تُعرف جماهيره بولائها اللامحدود وتشجيعها الأسطوري الذي لا يتوقف مهما كانت الظروف.
أما على الصعيد القاري، فقد كتب الترجي فصولاً من المجد في تاريخ كرة القدم الإفريقية. فقد تُوج بدوري أبطال إفريقيا عدة مرات، أبرزها سنوات 1994، 2011، 2018، و2019، وأصبح من بين الأندية القليلة التي تمكنت من الحفاظ على اللقب القاري في مناسبتين متتاليتين. كما فاز الترجي بكأس السوبر الإفريقي، وشارك في كأس العالم للأندية أكثر من مرة، ممثلاً تونس وإفريقيا بكل فخر. هذه المشاركات رسخت صورة الترجي كقوة كروية عالمية قادرة على مجابهة كبار القارات الأخرى.
وقد عُرف الترجي عبر تاريخه بامتلاكه أسماءً لامعة من اللاعبين الذين صنعوا أمجاد النادي والمنتخب الوطني على حد سواء، مثل طارق ذياب، نجيب غميض، شكري الواعر، خالد بن يحيى، حمدي المدب، سامح الدربالي، أنيس البدري، ويوسف البلايلي. كما مرّ على النادي مدربون كبار تركوا بصمتهم الفنية، من أبرزهم فوزي البنزرتي، نبيل معلول، ومؤخراً معين الشعباني الذي حقق الثنائية القارية التاريخية.
الترجي لم يكن فقط نادياً لكرة القدم، بل هو مؤسسة متعددة الرياضات، إذ يضم أقساماً في كرة اليد، الكرة الطائرة، وألعاب القوى، وجميعها تحصد ألقاباً وتبرز على الساحة الوطنية. غير أن كرة القدم تبقى الواجهة الأبرز والأكثر إشعاعاً، نظراً للشغف الجماهيري الهائل المحيط بها.
إدارياً، يُعتبر الترجي نموذجاً في التنظيم والاستقرار. فبفضل رئيسه حمدي المدب الذي يقود النادي منذ سنوات طويلة، تمكن الترجي من بناء منظومة متكاملة تعتمد على التخطيط والاحترافية، ما جعله يتفوق على منافسيه في مختلف الجوانب. كما يمتلك الترجي بنية تحتية متطورة تشمل مركباً رياضياً حديثاً ومدرسة تكوين من بين الأفضل في إفريقيا، تهدف إلى إعداد نجوم المستقبل.
جماهير الترجي تُعرف بلقب "المكشخين"، وهم عماد روح النادي، إذ لا يقتصر دورهم على التشجيع، بل يمتد إلى الدفاع عن النادي في كل المحافل. تُشعل مدرجات "رادس" و"المنزه" بالأهازيج والرايات العملاقة، لتخلق أجواء أسطورية تجعل من مباريات الترجي مهرجانات رياضية حقيقية. وتُعتبر أغنية "يا الترجي يا العز" نشيداً غير رسمي يعكس ارتباط الجماهير بناديهم إلى الأبد.
كما لا يمكن إغفال الدور الاجتماعي والثقافي للنادي، إذ ساهم في ترسيخ قيم الانتماء والتحدي لدى الشباب التونسي، وكان له تأثير كبير في توحيد فئات المجتمع حول حب مشترك. الترجي ليس فقط نادياً للبطولات، بل مدرسة في الوطنية والانتماء,
0Comments